قال الله - عز وجل - : { يَوْمَ هُمْ } أي يكون هذا الجزاء في يومِ هُمْ على النار يُفْتَنُونَ أي يعذبون ويحرقون بها ، كما يُفْتَنُ الذَّهَبُ بِالنَّارِ . وعلى هذا فالأولى أن يكون معنى يفتنون يُعْرَضُون عرض المجرِّب للذّهب على النار ، لأن كلمة «على » تناسب ذلك ولو كان المراد يحرقون لقيل : بالنَّار ، أي فِي النار{[52713]} .
قوله : «يَوْمَ هُمْ » يجوز أن يكون منصوباً بمضمر أي الجزاءُ كائنٌ يَوْمَ هُمْ{[52714]} ويجوز أن يكون بدلاً من «يَوْم الدين »{[52715]} ، والفتحة للبناء على رأي من يُجيز بناء الظرف ، وإن أُضِيفَ إلى جملة اسمية{[52716]} وعلى هذا فيكون حكاية لمعنى كلامهم ، قالوه على سَبيل الاستهزاء ، ولو جاء على حكاية لفظهم المتقدم لقيل : يوم نَحْنُ عَلَى النَّار نُفْتَنُ .
و«يوم » منصوب بالدين ، وقيل : بمضمر ، أي يُجَازَوْنَ .
وقيل : هو مفعول بأعني مقدَّراً{[52717]} وعُدّي يُفْتَنُونَ بعَلَى لأنه بمعنى يُخْتَبَرُون{[52718]} . وقيل : على بمعنى في{[52719]} . وقيل : على بمعنى الباء . وقيل : «يَوْمَ هُمْ » خبر مبتدأ مضمر ، أي هُوَ يَوْمَ هُمْ والفتح لما تقدم . ويؤيد ذلك قراءة ابن أبي عبلة والزّعفرانيّ يَوْمُ هُمْ بالرفع{[52720]} ، وكذلك يؤيد القول بالبدل . وتقدم الكلام في مثل هذا في غَافِرٍ .
قوله : { يَوْمَ هُمْ عَلَى النار يُفْتَنُونَ } قال ابن الخطيب : يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون جواباً عن قولهم أيَّانَ يَقَعُ فكما أنهم لم يسألوا سؤال مستفهم طالب لعِلم ، كذلك لم يجبهم جواب معلم مبين بل قال : يوم هم على النار يفتنون فجهلهم بالثاني أقوى من جهلم بالأول ، ولا يجوز أن يكون الجواب بالأخفى ، فلو قال قائل : مَتَى يَقْدمُ زَيْدٌ ؟ فلو أجيب بقوله : يَوْم يقدم رفِيقُهُ ولا يعلم يوم قُدُوم الرفيق لم يصح هذا الجواب إلا إذا كان الكلام في صورة ولا يكون جواباً كقول القَائل لمن يعد عِدَاتاً{[52721]} ويخلفها : إلى متى هذا الإخلاف ؟ فيغضب ويقول : إلى أَشْأَمِ يَوْمٍ عليك ، فالكلامان في صورة سؤال وجواب ، ولا يريد بالأول السؤال ، ولا الثاني يريد به الجواب ، فكذلك ههنا قال : { يوم هم على النار يفتنون } مقابلة لاستهزائهم بالإيعَادِ لا على وجه الإِتيان بالبَيَان{[52722]} .
الثاني : أن يكون «ذلك » ابتداء كلام تمامه ( في قوله : «ذُوقُوا{[52713]} فِتْنَتَكُمْ » ) .
فإن قيل : هذا يفضي إلى الإضمار ! .
فالجواب : أن الإضمار لا بد منه ؛ لأن قوله : ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ غيرُ متصل بما قبله إلا بإِضمار يقال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.