اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ كَذَّبَ بِـَٔايَٰتِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (21)

لمَّا بَيَّنَ خُسْرَانَ المنكرين في الآية الأولى بَيَّنَ في هذه الآية الكريمة سَبَبَ ذلك الخسران وهو أمران{[13464]} .

أحدهما : الافتراء على اللَّه كذباً ، وهذا الافتراءُ يحتمل وجوهاً :

أحدها : أن كُفَّار " مكة " المشرفة كانوا يقولون : هذه الأصنام شركاء الله ، اللَّهُ أمرهم بعبادتها ، وكانوا يقولون : الملائكة بَنَاتُ اللَّهِ .

وثانيها : أنَّ اليهود والنَّصارى كانوا يقولون : حصل في التَّوْراة والإنجيل أن هاتيْنِ الشريعيتين لا يَتَطَرَّقُ إليهما النَّسْخُ والتغييرُ .

وثالثها : ما حكاه{[13465]} تعالى عنهم بقوله : { وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَآ آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا } [ الأعراف :28 ] .

ورابعها : قول اليهود : { نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُه } [ المائدة : 18 ] وقولهم : { لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً } [ البقرة : 80 ] وقول جُهَّالِهِمْ : { إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآء } [ آل عمران : 181 ] ونحوه .

الأمرُ الثاني من أسباب خسارتهم ؛ تكذيبهم بآيات الله تعالى : وقدحُهُمْ في معجزات محمد - عليه الصلاة والسلام - وإنكارهم كون القرآن العظيم معجزةً قاهرةً منه ، ثم إنَّه لمَّا حكى عنهم سبب هذين الأمرين قال : { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُون } ، أي : الكافرون - أي لا يَظْفَرُونَ بِمطَالِبهمْ في الدنيا ولا في الآخرة .


[13464]:ينظر: تفسير الرازي 12/149.
[13465]:في أ: حكى.