قوله : { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً } يعني : لو أرسلناه إليهم مَلَكاً لجعلناه رَجُلاً يعني في صورة رجلٍ آدمي ؛ لأنهم لا يستطيعون النَّظَرَ إلى الملائكةِ ، كان جبريل عليه السلام يأتي النبي صلى الله عليه وسلم في صورة دِحْية الكلبي وجاء الملكان إلى دَاوُد عليه السلام في صورةِ رَجُلَيْنِ ، ولأن الجنس إلى الجنس أميلُ وأيضاً فإنَّ طَاعَة الملائكة قَوِيَّةٌ ، فَيَسْتحْقِرُونَ طَاعَاتِ البَشَرِ ، ورُبَّما لا يعذرونهم بالإقدام على المعاصي .
قوله تعالى : { وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُون } في " ما " قولان :
أحدهما : أنها مَوْصولةٌ بمعنى " الذي " ، أي : ولخلطنا عليهم ما يخلطون على أنفسهم ، أو على غيرهم ، قاله أبو البقاء{[13282]} - رحمه الله تعالى - وتكون " ما " حينئذٍ مفعولاً بها .
الثاني : أنَّها مَصْدَريَّةٌ ، أي : ولَلَبْسنا عليهم مَثْلَ ما يلبسون على غيرهم ويسلكونهم ، والمعنى شَبَّهوا على ضعفائهم فشُبِّهَ عليهم .
قال ابن عباس : هُمْ أهْلُ الكتاب ، فَرَّقُوا دينهم وحَرَّفُوا الكَلِمَ عن مَوَاضِعِه ، فَلَبَسَ اللَّهُ عليهم ما يلبسون{[13283]} .
وقرأ ابن{[13284]} مُحَيْصِن : " وَلَبَسْنا " بلام واحدة هي فاء الفِعْلِ ، ولم يأت بلامٍ في الجواب اكْتِفَاءً بها في المَعْطُوف عليه .
وقرأ الزهري{[13285]} : " ولَلَبَّسْنا " بلامين وتشديد الفعل على التَّكْثيرِ .
قال الواحدي{[13286]} : يقال لَبَّسْتُ الأمْرَ على القَوْمِ ألبِّسُهُ إذا شَبَّهْته عليهم ، وجعلته مُشْكلاً ، وأصله من التَّستُّرِ بالثوب ، ومنه لُبْسُ الثوبِ ، لأنه يُفيد سَتْرَ النفسِ ، والمعنى : إذا جَعَلْنَا الملكَ في صورة البَشَرِ ، فهم يظنون أن ذلك المَلَكَ بَشَراً ، فيعود سؤالهم أنَّا لا نرضى برسالة هذا الشَّخْصِ ، واللَّهُ أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.