والمقصود من هذه الآية أن الأنبياء إنما بُعِثُوا مُبَشِّرين بالثواب على الطَّاعاتِ ، ومُنْذِرينَ بالعِقَابِ على المَعَاصي ، ولا قُدْرَةَ لهم على إظْهَارِ الآيات والمُعْجِزَاتِ ، بل ذلك مُفَوَّضٌ إلى مَشِيئَةِ الله وحكمته .
قوله : { إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ } حالٌ من " المرسلين " ، وفي هذه الحال معنى الغَلَبة ، أي : لم نرسلهم لأن نقترح عليهم الآيات ، بل لأن يبشروا وينذروا .
وقرأ{[13921]} إبراهيم ، ويحيى : " مُبْشِرين " بالتخفيف ، وقَدْ تقدَّم أن " أبْشَرَ " لغة في " بَشَّر " .
قوله : " فَمَنْ آمَنَ " يجوز في " مَنْ " أن تكون شَرْطِيَّةً ، وأن تكون مَوْصُولةً ، وعلى كلا التقديرين فَمَحَلُّهَا رفع بالابتداء .
والخبر " فلا خَوْفَ " فإن كانت شَرْطِيَّة ، فالفاء جواب الشَرْط ، وإن كانت مَوْصُولةً فالفاء زائدة لشبه الموصول بالشرط ، وعلى الأول يكون مَحَلُّ الجملتين الجَزْمَ ، وعلى الثاني لا مَحَلِّ للأولى ومحل الثانية الرفع ، وحمل على اللفظ فأفرد في " آمن " و " أصْلَحَ " ، وعلى المعنى فجمع في { فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون } ، ويُقَوِّي كونها موصولة مقابلتها بالموصول بعدها في قوله : { وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ } .
وقرأ{[13922]} علقمة : " نُمسُّهم " : بنون مضمومة من " أمَسَّه كذا " " العذابَ " نَصْباً ، والمَسُّ في اللغة التِقَاءُ الشيئين من غير فصل .
وقرأ الأعْمَش{[13923]} ، ويحيى بن وثاب " يَفْسِقُون " بكسر السّين ، وقد تقدَّم أنها لُغَةٌ ، و " ما " مصدريَّةٌ على الأظهر ، أي بِفِسْقِهِمْ .
قال القاضي{[13924]} : إنه -تعالى- عَلَّلَ عذابَ الكفَّار ؛ لأنهم فَاسِقينَ ، فاقتضى أن يكون كل فاسق كذلك ، فيقال له : هذا معارض بما أنه خص الذين كفروا وكذَّبوا بآيات الله وهذا يدل على أنه من لم يكن مكذّباً بآيات الله ألاَّ يلحقه هذا الوعيد أصلاً ، وأيضاً فإن كان هذا الوعيدُ معلّلاً بِفِسْقِهِمْ فلم قلتم : إن فِسْقَ من عرف الله ، وأقَرَّ بالتوحيد والنبوة والمعاد مُسَاوٍ لِفِسْقِ من أنكر هذه الأشياء ؟
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.