اعلم أن الدلائلَ المتقدّمة كانت مختصّة بأخذ السَّمْع والبَصَرِ والقلب ، وهذا عامٌ في جميع أنواع العذابِ ، والمعنى أنه لا دَافِعَ لنوع من أنواع العذابِ ، ولا مُحَصِّلَ لخير من الخَيْرَاتِ إلاَّ اللَّهُ تعالى ، فوجب أن يكون هو المَعْبُودَ دون غيره .
والمراد ب " البَغْتَة " العذاب الذي يأتيهم فُجَاءةً من غير سَبْقِ علامةٍ ، والمرادُ ب " الجَهْرَة " العذاب الذي يأتيهم مع سَبْقِ علامة تَدُلُّ عليه .
وقال الحَسَنُ : " بَغْتَةً " أو " جَهْرَةً " : معناه : لَيْلاً أو نهاراً{[13915]} .
قال القاضي{[13916]} : والأوَّل أوْلَى ؛ لأنه لو جاءهم ذلك العذابُ ليْلاً وقد عاينوا قُدُومَهُ لم يكن بَغْتَةً ، ولو جاءهم نَهَاراً وهم لا يَشْعُرون بقدومه لم يكن جَهْرَةً .
قوله : " هل يهلك " هذا اسْتِفْهَامٌ بمعنى النَّفْيِ ؛ ولذلك دخلت " إلاَّ " وهو استثناء مُفَرَّغٌ ، والتقديرُ : ما يُهْلَكُ إلاَّ القَوْمُ الظالمون ، وهذه الجملة الاستفهامية في موضع المفعول الثاني ل " أرأيتكم " والأوَّلُ مَحْذُوفٌ ، وهو من التَّنَازع على رأي أبي حيَّان{[13917]} كما تقدَّم تَقْرِيرُهُ .
وقال أبو البقاء{[13918]} : الاسْتِفْهَامُ هنا بمعنى التَّقْرير ، فلذلك نَابَ عن جواب الشَّرْط ، أي : إن أتاكم هلكتم ، والظَّاهِرُ ما تقدَّم ، ويجيء هنا قول الحُوفِيّ المتقدِّم في الآية قبلها من كون الشرط حالاً .
وقرأ ابن محيصن{[13919]} : " هل يَهْلَكُ " مَبْنيَّا للفاعل .
فإن قيل : إن العذابَ إذا نزل لم يَحْصُلْ فيه التَّمْييزُ بَيْنَ المُطيعِ والعاصي . فالجوابُ أن العذاب وإن عَمَّ الأبْرَارَ والأشْرَار في الظاهر ، إلاَّ أن الهلاك في الحقيقة مُخْتَصٌّ بالظالمين ؛ لأن الأخْيَارَ يستوجبون [ بسبب نزول تلك ]{[13920]} المضارِّ بهم أنْوَاعاً عظيمة من الثواب والدَّرَجَاتِ الرفيعة عن الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.