اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَوَقَعَ ٱلۡحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (118)

قوله : { فَوَقَعَ الحَقُّ } قال مُجاهدٌ والحسنُ : ظَهَرَ . {[16698]}

وقال الفرَّاءُ : " فتبيَّنَ الحَقُّ مِنَ السِّحْرِ " .

قال أهْلُ المعاني : الوُقُوعُ : ظُهُورُ الشَّيءِ بوجوده نازلاً إلى مُسْتَقرَّهِ ، { وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } من السِّحْرِ ، وذلك أنَّ السَّحرة قالوا : لئن كان ما صنعَ موسى - عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ - سِحراً لَبَقِيَتْ حبالُنا وعصينا ولم تُفْقَدْ ، فلما فقدت ؛ ثَبَتَ أنَّ ذلك من أمر الله .

قال القَاضِي : قوله : " فَوَقَعَ الحَقُّ " : يفيد قُوَّة الظُّهُورِ والثُّبُوتِ بحيثُ لا يَصحُّ فيه البُطلان كما لا يَصِحُّ في الواقعِ أن يصيرَ إلاَّ واقعاً .

فصل

قلت : فإن قيل : قوله : " فوقع الحَقُّ " يدُلُّ على قوَّةِ الظَّهُورِ .

فكان قوله : { وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } تكريراً .

فالجوابُ : أنَّ المرادَ : مع ثبوت الحقِّ زالت الأعيانُ الَّتي أفكوها ، وهي الحِبَالُ والعصا ، فعند ذلك ظهرت الغلبةُ .

فصل


[16698]:أخرجه الطبري في تفسيره 6/23 عن مجاهد وذكره السيوطي في الدر المنثور (3/199-200) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ.