الثالث : قال في قصَّة نُوحٍ { قَالَ الملأ مِن قَوْمِهِ } .
وقيل : في هود : { قَالَ الملأ الذين كَفَرُواْ } فوصف الملأ بالكُفْرِ ، ولم يُوصَفُوا في قصَّة نوح ، والفرقُ أنَّهُ كان في أشْرَاف قوم هُودٍ مَنْ آمنَ بِهِ مِنْهُم مرْثَدُ بْنُ سَعْدٍ أسْلَمَ ، وكان يكتمُ إيمانَهُ بخلاف قَوْم نُوحٍ ، لأنَّه لم يؤمن منهم أحَدٌ{[16411]} .
قاله الزَّمخشريُّ{[16412]} وغيره ، وفيه نَظَرٌ لقوله تعالى : { لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ } [ هود : 36 ] وقال : { وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ } [ هود : 40 ] ويحتمل أنَّ حال مخاطبة نُوحٍ لقومِهِ لم يُؤمِنْ منهم أحَدٌ بعدُ ثمَّ آمنوا ، بخلاف قصَّةِ هود فإنَّهُ حال خطابهم كان فيهم مُؤمن ويحتملُ أنها صفة لمُجَرَّدِ الذَّمِّ من غير قَصْدِ تميزٍ بها .
الرابع : حكي عن قَوْم نُوح قولهم : { إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } وحكي عن قوم هُود قولهم : { إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الكاذبين } [ الأعراف : 66 ] الفرقُ أنَّ نُوحاً خوف الكُفَّارَ بالطُّوفانِ العام وكان مشتغلاً بإعْدَادِ السَّفينةِ ، فلذلك قالوا : { إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } حيثُ تُتْعِبُ نَفْسَكَ في إصلاح سفينة كبيرةٍ في مفازة ليس فيها قَطْرَةٌ من المَاءِ ، ولم يظهر شيءٌ من العلامات تدلُّ على ظهورِ المَاءِ في تلك المَفَازة .
وأمَّا هود فلم يذكر شيئاً إلا أنه زَيَّفَ عبادة الأوثان ، ونسب من اشتغل بعبادتها إلى السَّفَاهَةِ وقلَّةِ العَقْل ، فلَّما سفَّهَهُم قابلوه بمثله ، ونسبُوهُ إلى السَّفاهةِ ، ثم قالوا : { وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الكاذبين } في ادِّعَاءِ الرِّسالة .
قال ابنُ عبَّاسٍ : في سفاهة أي تدعو إلى دينٍ لا نقر به .
وقيل : في حُمْقِ ، وخفَّةِ عَقْلٍ ، وجهالةٍ .
{ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الكاذبين } اختلفُوا في هذا الظن فقيل : المرادُ القَطْعُ والجزم كقوله تعالى : { الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ } [ البقرة : 46 ] وهو كثير .
وقال الحسنُ والزَّجَّاجُ{[16413]} : كان ظنّاً لا يقيناً ، كفرُوا به ظانين لا متيقّنين وهذا يَدُلُّ على أنَّ حصول الشَّكِّ والتَّجويز في أصول الدِّين يوجبُ الكفر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.