اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ذَٰلِكُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ مُوهِنُ كَيۡدِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (18)

قوله : ذَلِكُمْ " يجوز فيه الرفعُ على الابتداء أي : ذلكم الأمر ، والخبر محذوف قاله الحوفيُّ ، والأحسنُ أن يقدَّر الخبر ذلكم البلاء حق وحتمٌ .

وقيل : هو خبر مبتدأ ، أي : الأمر ذلكم ، وهو تقدير سيبويه .

وقيل : محلُّه نصب بإضمار فعلٍ أي : فعل ذلكم ، والإشارةُ ب " ذَلِكُمْ " إلى القتل والرمي والإبلاء .

قوله : " وأنَّ اللَّه " يجوزُ أن يكون معطوفاً على : " ذَلِكُمْ " فيحكم على محلِّه بما يحكمُ على محلِّ : " ذَلِكُمْ " ، وأن يكون في محلِّ نصبٍ بفعل مقدَّر أي : واعلموا أنَّ الله ، وقد تقدم ما في ذلك .

وقال الزمخشريُّ : " إنَّه معطوف على : " وليُبْلي " والمعنى : أنَّ الغرضَ إبلاءُ المؤمنين ، وتوهينُ كيد الكافرين " . وقرأ ابنُ عامر{[17238]} والكوفيون : " مُوهِن " بسكون الواوِ وتخفيف الهاءِ ، من " أوهَن " ك : أكْرَم ، ونوَّن " موهن " غير حفص ، وقرأ الباقون : " مُوهِّن " بفتح الواو ، وتشديد الهاءِ ، والتنوين ، ف " كَيْد " منصوبٌ على المفعول به في قراءة غير حفص ، ومخفوضٌ في قراءة حفص ، وأصله النَّصْبُ وقراءة الكوفيين جاءت على الأكثر ؛ لأن ما عينه حرف حلقٍ غير الهمزة تعديته بالهمزة ولا يُعَدَّى بالتَّضعيف إلاَّ كلمٌ محفوظ نحو : وهَّنْتُه وضعَّفْتُه .

فصل

توهينُ الله كيدهم يكون بأشياء :

بإطلاع المؤمنين على عوراتهم .

وإلقاء الرعب في قلوبهم وتفريق كلمتهم .

ونقض ما أبرموا بسبب اختلاف عزائمهم .

قال ابن عبَّاسٍ : ينبئ رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول : " إنّي قد أوْهَنْتُ كَيْدَ عدوك حتى قتلت خيارم وأسرت أشرافهم " {[17239]}


[17238]:ينظر: السبعة ص (304-305) الحجة 4/127، حجة القراءات ص 309، إعراب القراءات 1/222، إتحاف 2/78، النشر 2/276.
[17239]:ذكره الفخر الرازي في "التفسير الكبير" (15/114) عن ابن عباس.