اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَإِذَا مَآ أُنزِلَتۡ سُورَةٞ فَمِنۡهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمۡ زَادَتۡهُ هَٰذِهِۦٓ إِيمَٰنٗاۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَزَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَهُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ} (124)

قوله تعالى { وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ } الآية .

لمَّا ذكر مخازي المنافقين وأعمالهم القبيحة قال : { وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ } " ما " صلة مؤكدة " فَمِنْهُم " أي : من المنافقين : " مَنْ يقُولُ " قيل : يقولُ بعضهم لبعض ، ليثبتوهم على النِّفاقِ وقيل : يقولونه لعوام المسلمين ، ليصرفوهم عن الإيمان ، وقيل : يقولون ذلك على سبيل الهزؤ .

قوله : " أيُّكُمْ " الجمهور على رفع " أيُّكُمْ " بالابتداءِ ، وما بعده الخبر . وقرأ زيدُ{[18255]} بنُ عليّ وعبيد بن عمير بالنصب ، على الاشتغال ، ولكن يُقدَّر الفعل . متأخراً عنه من أجلِ أنَّ لهُ صدر الكلام .

والنَّصب عند الأخفش في هذا النحو أحسنُ من الرفع ؛ لأنَّهُ يجري اسم الاستفهام مجرى الأسماء المسبوقةِ بأداة الاستفهام ، نحو : أزيداً ضربته ، في ترجيح إضمار الفعلِ .

قوله : { فَأَمَّا الذين آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً } أي : يقيناً وتصديقاً ؛ لأنَّهُم يقرُّون بها ويعترفون بأنَّها حقٌّ من عند الله ، وتقدم الكلامُ في زيادة الإيمان ، ونقصانه في أول سورة الأنفال [ الأنفال : 2 ] ثم قال : { وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } أي : يفرحون بنزول القرآن ، وقيل : بثوابِ الآخرة ، وقيل : بالنَّصر والظفر . والاستبشار : استدعاء البشارة ؛ لأنَّهُ كُلَّما يذكر النعمة حصلت البشارة فهو بالتذكر يطلب تجدُّد البشارة .


[18255]:ينظر: الكشاف 2/324، البحر المحيط 5/118، الدر المصون 3/513.