قوله تعالى : { فَإِن تَوَلَّوْاْ } يعني : المشركين والمنافقين ، أي : أعرضوا عنك وقيل : تولوا عن طاعة الله وتصديق الرَّسُولِ - عليه الصلاة والسلام - وقيل : تولوا عن قبول التكاليف الشاقة المذكورة في هذه السُّورة . وقيل : تولوا عن نصرتك في الجهاد . { فَقُلْ حَسْبِيَ الله لاا إله إِلاَّ هُوَ } والمرادُ : أنَّه لا يدخل في قلب الرسول حزن ولا أسف ؛ لأنَّ الله حسبه وكافيه في نصره على الأعداء . " عليْهِ توكَّلتُ " أي : لا أتوكل إلاَّ عليه : { وَهُوَ رَبُّ العرش العظيم } .
فإن قيل : العرشُ غير محسوس ، فلا يعرف وجوده إلاَّ بعد ثُبوتِ الشريعةِ ، فكيف يمكنُ ذكره في معرض شرح عظمة الله تعالى ؟ .
فالجواب : وجود العرش أمرٌ مشهورٌ ، والكفار سمعوه من اليهود والنصارى وأيضاً لا يبعد أنَّهُم كانوا قد سمعُوهُ من أسلافهم .
وقرأ الجمهور بجرِّ الميم من " العَظيمِ " صفة للعرش . وقرأ ابنُ{[18272]} محيصنٍ برفعها نعتاً للرب ورويت هذه قراءة عن ابن كثير . قال أبو بكر الأصم : " وهذه القراءة أعجبُ إليَّ ؛ لأنَّ جعل " العظيم " صفة لله تعالى أولى من جعله صفة للعرش " وأيضاً قال " فإن جعلناه صفة للعرش ، كان المراد من كونه عظيماً كبر جثته وعظم حجمه واتساع جوانبه على ما ذكر في الأخبار وإن جعلناه صفة لله تعالى كان المرادُ من العظمة وجوب التقديس عن الحجمية والأجزاء والأبعاض ، وكمال العلم والقدرة ، وكونه منزَّهاً عن أن يتمثل في الأوهام ، أو اتصل إليه الأفهام " .
روي عن أبيّ بن كعب والحسن قالا : آخر ما نزل من القرآن هاتان الآيتان : { لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ } [ التوبة : 128 ] إلى آخرها{[18273]} . وقال أبي بن كعب : " هما أحدث الآيات بالله عهداً " وفي رواية : " أقرب القرآنِ من السَّماءِ عهداً " {[18274]} وهو قول سعيد بن جبير .
وقيل : آخر ما نزل من القرآن قوله تعالى : { واتقوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله } [ البقرة : 281 ] .
قال القرطبي{[18275]} " يحتمل أن يكون قول أبيّ : أقرب القرآن من السماء عهداً بعد قوله " واتقوا يَوْماً " والله أعلمُ .
ونقل عن حذيفة أنَّهُ قال : أنتم تسمُّون هذه السورة بالتوبة وهي سورة العذاب ، ما تركت أحداً إلاَّ نالتْ منه " .
قال ابنُ الخطيبِ{[1]} : " وهذه الرواية يجب تكذيبها ؛ لأنَّا لو جوزنا ذلك ؛ لكان ذلك دليلاً على تطرُّق الزيادة والنقصان إلى القرآن وهو باطلٌ " .
وروت عائشة قالت : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : " إنَّه ما نزل عليَّ القرآنُ إلاَّ آيةً آيةً وحَرْفاً حَرْفاً ما خلا سُورة براءة ، و{ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ } [ الإخلاص : 1 ] فإنَّما نزلتَا عليَّ ومعهما سَبْعُونَ ألف صف مِنَ الملائكةِ كُلُّهُم يقُولُ : يا مُحمدَّدُ استوصِ بنسبةِ اللهِ خَيْراً " {[2]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.