قوله : { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ } الآية .
ذكر عن رؤساء اليهود والنصارى نوعاً ثالثاً من أفعالهم القبيحة ، وهو سعيهم في إبطال أمر محمد عليه الصلاة والسلام . والمراد من " النور " قال الكلبيُّ : هو القرآن{[17743]} ، أي : يردُّوا القرآن بألسنتهم تكذيباً . وقيل : النور : الدَّلائل الدَّالة على صحة نبوته وشرعه وقوة دينه . وسمى الدلائل نوراً ؛ لأنَّ النور يهتدي به إلى الصَّواب .
قوله : { ويأبى الله إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ } " أن يتمّ " مفعول به ، وإنَّما دخل الاستثناء المفرغ في الموجب ؛ لأنَّهُ في معنى النفي ، فقال الأخفشُ الصغيرُ " معنى يأبَى : يمنع " وقال الفرَّاء{[17744]} : " دخلتْ " إلاَّ " لأن في الكلام طرفاً من الجحد " وقال الزمخشريُّ : " أجْرَى " أبَى " مُجْرى " لَمْ يُرِدْ " ، ألا ترى كيف قُوبل : { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ } بقوله : { ويأبى الله } ، وأوقع موقع : ولا يريد الله إلا أن يتمَّ نوره ؟ " .
والتقدير : لا يريد إلا أن يتمَّ نوره ، إلاَّ أنَّ الإبَاءَ يفيد زيادة عدم الإرادة ، وهي المنع والامتناع .
والدليل عليه قوله عليه السلام : " وإذا أرادوا ظلمنا أبينا " {[17745]} فامتدح بذلك ، ولا يجوز أن يمتدح بأنَّه يكره الظلم ؛ لأنَّ ذلك يصح من القوي والضعيف .
وقال الزَّجاج{[17746]} " إنَّ المستثنى منه محذوفٌ ، تقديره : ويَأبَى أي : ويكره كلَّ شيء إلاَّ أن يُتمَّ نوره " وقد جمع أبو البقاء بين مذهب الزجاج ، ومذهب غيره فجعلهما مذهباً واحداً فقال{[17747]} : " يَأبَى بمعنى : يَكْره ، ويكره بمعنى يمنع ، فلذلك استثنى ، لما فيه من معنى النَّفْي ، والتقدير : يأبَى كُلَّ شيء إلاَّ إتمام نوره " . أي : يعلي دينه ويظهر كلمته ، ويتم الحق الذي بعث به محمداً صلى الله عليه وسلم : { وَلَوْ كَرِهَ الكافرون } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.