تفسير العز بن عبد السلام - العز بن عبد السلام  
{۞ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ مَثَلُ نُورِهِۦ كَمِشۡكَوٰةٖ فِيهَا مِصۡبَاحٌۖ ٱلۡمِصۡبَاحُ فِي زُجَاجَةٍۖ ٱلزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوۡكَبٞ دُرِّيّٞ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٖ مُّبَٰرَكَةٖ زَيۡتُونَةٖ لَّا شَرۡقِيَّةٖ وَلَا غَرۡبِيَّةٖ يَكَادُ زَيۡتُهَا يُضِيٓءُ وَلَوۡ لَمۡ تَمۡسَسۡهُ نَارٞۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٖۚ يَهۡدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِۦ مَن يَشَآءُۚ وَيَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَٰلَ لِلنَّاسِۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ} (35)

{ نور السماوات والأرض } : هاديهما أو مدبرهما ، أو ضياؤهما أو مُنوِّرهما ؛ نَوَّر السماء بالملائكة والأرض بالأنبياء ، أو السماء بالهيبة والأرض بالقدرة ، أو نوَّرهما بالشمس والقمر والنجوم { مَثَل نوره } نور المؤمن في قلبه ، أو نور محمد صلى الله عليه وسلم في قلب المؤمن ، أو نور القرآن في قلب محمد صلى الله عليه وسلم أو نور الله -تعالى- في قلب محمد صلى الله عليه وسلم ، أو قلب المؤمن { كمشكاة } كُوَّة لا تنفذ { والمصباح } السراج ، أو قنديل [ و ] المصباح : الفتيلة ، أو موضع الفتيلة من القنديل وهو الأنبوب والمصباح : الضوء " ع " ، أو السلسلة والمصباح : القنديل ، أو صدر المؤمن والمصباح : القرآن الذي فيه والزجاجة قلبه والمشكاة ، حبشي معرَّب ، { المصباح في زجاجة } القنديل ؛ لأنه فيها أضوأ قاله الأكثرون ، أو الصباح القرآن والإيمان والزجاجة قلب المؤمن { كوكب } الزهرة ، أو كوكب غير معين عند الأكثر { دُرِّيء } يشبه الدر في صفائه ، دُرِّي : مضيء ، دِرِّيء : متدافع قوي الضوء من درأ دفع ، دِرِّيّ : جارٍ درأ الوادي إذا جرى ، والنجوم الدراري الجواري { شجرة مباركة } إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - ، والزجاجة : محمد صلى الله عليه وسلم ، أو صفة لضياء دهن المصباح { مباركة } ؛ لأنها من زيتون الشام وهو أبرك من غيره ، أو لأن الزيتون يورق غصنه من أوله إلى آخره { لا شرقية } ليست من شجر الشرق ولا من شجر الغرب لقلة زيت الجهتين وضعف نوره ولكنها من شجر ما بينهما كالشام لاجتماع القوتين فيه ، أو لا شرقية تستتر عن الشمس عند الغروب ولا غربية تستتر عنها وقت الطلوع بل هي بارزة من الطلوع إلى الغروب فإنه أقوى لزيتها وأضوأ ، أوهي وسط الشجر لا تنالها الشمس إذا طلعت ولا إذا غربت وذلك أجود لزيتها ، أو ليس في شجر الشرق ولا في شجر الغرب مثلها ، أو ليست من شجر الدنيا التي تكون شرقية ، أو غربية وإنما هي من شجر الجنة " ح " أو مؤمنة ليست بنصرانية تصلي إلى الشرق ولا يهودية تصلي إلى الغرب ، أو الإيمان ليست بشديد ولا لين ؛ لأن في أهل الشرق شدة وفي أهل الغرب لين { يكاد زيتها يُضيء } صفاؤه كضوء النهار { ولو لم تمسسه نار } أو يكاد قلب المؤمن من يعرف الحق قبل أن يُبين له ، أو يكاد العلم يفيض من فم المؤمن العالم قبل أن يتكلم به " ح " أو تكاد أعلام النبوة تشهد للرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يدعو إليها { نور على نور } ضوء النار على ضوء الزيت على ضوء الزجاجة ، أو نور النبوة على نور الحكمة ، أو نور الرجاء على نور الخوف ، أو نور الإيمان على نور العمل ، أو نور مؤمن هو حجة لله يتلوه مؤمن هو حجة لله حتى لا تخلو الأرض منهم ، أو نور نبي من نسل نبي { لنوره } نبوته ، أو دينه ، أو دلائل هدايته { ويضرب الله الأمثال } هذا مثل ضربه للمؤمن في وضوح الحق له وفيه ، أو ضربه لطاعته وسماهما نوراً لتجاوزهما عن محلهما ، أو قالت اليهود يا محمد كيف يخلص نور الله من دون السماء فضرب الله -تعالى- ذلك مثلاً لنوره .