{ اللَّهُ{[3529]} نُورُ السَّمَاوَاتِ{[3530]} وَالْأَرْضِ } : منورهم أو مدبرهما ، يقال : فلان نور قومه يعتدون به في أمورهم ، أو موجدهما عن ابن مسعود { إن ربكم ليس عنده ليل ، ولا نهار ، نور العرش من نور وجهه } ، قال حجة الإسلام : ( النور في الحقيقة اسم لكل ما هو ظاهر بذاته مظهر لغيره ، والله سبحانه هو المتصف بهذه الصفة ، فهو النور الحقيقي ، { مَثَلُ نُورِهِ } : صفة نور الله ، وهداه في قلب المؤمن ، وكان ابن مسعود يقرأ : ( مثل نور الله قلب المؤمن ) ، وعن بعض : الضمير للمؤمن الدال عليه سياق الكلام ، وكان أُبي يقرأ ( مثل نور من آمن به ) أو المراد من النور القرآن ، أو محمد – عليه السلام- أو طاعة الله ، قيل : إضافة النور إلى ضمير الله دليل على أن إطلاق النور على الله ليس على ظاهره ، { كَمِشْكَاةٍ } : أي صفته صفة كوة غير نافذة ، أو هي موضع الفتيلة من القنديل ، وعليه أكثر السلف ، { فِيهَا مِصْبَاحٌ } ، سراج أو فتية مشتعلة ، فالكوة صدر المؤمن ، والمصباح نور من الله في قلبه أو القرآن ، { الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ } : قنديل من الزجاج ، { الزُّجَاجَةُ } : لما فيها من النور ، { كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ } : مضيء متلألئ كالزهرة في صفاته منسوب إلى الدر ، أو فعيل من الدر فإنه يدفع الظلام بضوئه ، أو كوكب يُدرأ ، أي : يدفع ويرمي به ، والكواكب في ذلك الحين أشد استنارة من سائر الأحوال ، وقبلت همزته ياء ، { يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ } ، أي : ابتداء ثقوبه من شجرة الزيت المتكاثر نفعه ، يعمي رويت ذبالته بزيتها ، وفي تنكير الشجرة ووصفها ثم الإبدال عنها تفخيم لشأن الزيت ، { لَّا شَرْقِيَّةٍ } : وحدها فلا تصيبها الشمس في السماء ، { وَلَا غَرْبِيَّةٍ } : وحدها فلا تصيبها في الغداة ، بل في مكان عليها الشمس مشرقة من أول طلوعها إلى آخر غروبها كصحراء أو رأس جبل فزيتها أضوء ، وهذا نحو فلان ليس بأسود ولا أبيض ، أولا في مضحي تشرق عليها الشمس فتحرقها ، ولا في مقناة تغيب عنها دائما فيتركها نيا ، أو لا نابتة في شرق الأرض ، ولا في غربها ، بل في وسطها ، وهو الشام فإن زيتونه أجود أو لا في شرقية من الشجر ، ولا في غربية ، بل في وسط الشجر أو ليست من أشجار الدنيا ، إذ لو كانت منها لكانت أحدهما ، لكنه مثل ضربه الله لنوره فإن نور قلب المؤمن من نور الله ، { يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ } : بنفسه ، { وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ } : لفرط بريقه وضوء إشراقه ، { نُّورٌ{[3531]} عَلَى نُورٍ } ، نوره متضاعف نور النار ونور ذلك الزيت ، ونور القنديل ، وضبط المشكاة لأشعته ، { يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء } ، ويزين فؤاد عباده المؤمنين بنور من نوره ، فينشرح صدورهم لمعارفه ، عن ابن عباس يكاد قلب المؤمن يعمل بالهدي قبل أن يأتيه العلم ، فإذا جاءه العلم ازداد هديا ونورا على هدي ونور عن بعضهم : القرآن المصباح ، والزجاجة قلب المؤمن ، والمشكاة لسانه ، وفمه والشجرة الوحي ، يكاد حجة القرآن تتضح وإن لم يقرأ ( نور على نور ) نور القرآن والدلائل العقلية ، ونور البصيرة ، { وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ } : تقريبا للأفهام وتسهيلا لسبيل الإدراك ، { وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } : من المعقول ، والمحسوس الظاهر ، والخفي الكلي ، والجزئي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.