تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{۞ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ مَثَلُ نُورِهِۦ كَمِشۡكَوٰةٖ فِيهَا مِصۡبَاحٌۖ ٱلۡمِصۡبَاحُ فِي زُجَاجَةٍۖ ٱلزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوۡكَبٞ دُرِّيّٞ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٖ مُّبَٰرَكَةٖ زَيۡتُونَةٖ لَّا شَرۡقِيَّةٖ وَلَا غَرۡبِيَّةٖ يَكَادُ زَيۡتُهَا يُضِيٓءُ وَلَوۡ لَمۡ تَمۡسَسۡهُ نَارٞۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٖۚ يَهۡدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِۦ مَن يَشَآءُۚ وَيَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَٰلَ لِلنَّاسِۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ} (35)

{ الله نور السماوات والأرض } يقول : الله هادي أهل السماوات والأرض ، ثم انقطع الكلام ، وأخذ في نعت نبيه صلى الله عليه وسلم وما ضرب له من المثل ، فقال سبحانه : { مثل نوره } مثل نور محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان مستودعا في صلب أبيه عبد الله بن عبد المطلب { كمشكاة } يعنى بالمشكاة الكوة ليست بالنافذة { فيها مصباح } يعنى السراج { المصباح في زجاجة } الصافية تامة الصفاء ، يعنى بالمشكاة صلب عبد الله أبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ويعنى بالزجاجة جسد محمد صلى الله عليه وسلم ، ويعنى بالسراج الإيمان في جسد محمد صلى الله عليه وسلم ، فلما خرجت الزجاجة فيها المصباح من الكوة صارت الكوة مظلمة ، فذهب نورها ، والكوة مثل عبد الله ، ثم شبه الزجاجة بمحمد صلى الله عليه وسلم في كتب الأنبياء ، عليهم السلام ، لا خفاء فيه كضوء الكوكب الدري ، وهو الزهرة في الكواكب ، ويقال : المشتري وهو البرجرس بالسريانية ، { الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة } يعنى بالشجرة المباركة إبراهيم خليل الرحمن صلى الله عليه وسلم ، يقول : يوقد محمد من إبراهيم ، عليهما السلام ، وهو من ذريته ، ثم ذكر إبراهيم ، عليه السلام ، فقال سبحانه : { زيتونة } قال : طاعة حسنة { لا شرقية ولا غربية } يقول : لم يكن إبراهيم ، عليه السلام ، يصلي قبل المشرق كفعل النصارى ، ولا قبل المغرب كفعل اليهود ، ولكنه كان يصلي قبل الكعبة ، ثم قال : { يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار } يعنى إبراهيم يكاد علمه يضيء .

وسمعت من يحكي ، عن أبي صالح في قوله تعالى : { يكاد زيتها يضيء } قال : يكاد محمد صلى الله عليه وسلم أن يتكلم بالنبوة قبل أن يوحي إليه ، يقول : { ولو لم تمسسه نار } يقول : ولو لم تأته النبوة لكانت طاعته مع طاعة الأنبياء ، عليهم السلام ، ثم قال عز وجل : { نور على نور } قال محمد صلى الله عليه وسلم نبي خرج من صلب نبي ، يعنى إبراهيم ، عليهما السلام ، { يهدي الله لنوره من يشاء } قال : يهدي الله لدينه من يشاء من عباده ، وكأن الكوة مثلا لعبد الله بن عبد المطلب ، ومثل السراج مثل الإيمان ، ومثل الزجاجة مثل جسد محمد صلى الله عليه وسلم ، ومثل الشجرة المباركة مثل إبراهيم ، عليهما السلام ، فذلك قوله عز وجل : { ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم } آية .