تفسير العز بن عبد السلام - العز بن عبد السلام  
{وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰٓ إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ غَضۡبَٰنَ أَسِفٗا قَالَ بِئۡسَمَا خَلَفۡتُمُونِي مِنۢ بَعۡدِيٓۖ أَعَجِلۡتُمۡ أَمۡرَ رَبِّكُمۡۖ وَأَلۡقَى ٱلۡأَلۡوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأۡسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُۥٓ إِلَيۡهِۚ قَالَ ٱبۡنَ أُمَّ إِنَّ ٱلۡقَوۡمَ ٱسۡتَضۡعَفُونِي وَكَادُواْ يَقۡتُلُونَنِي فَلَا تُشۡمِتۡ بِيَ ٱلۡأَعۡدَآءَ وَلَا تَجۡعَلۡنِي مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (150)

{ أسفاً } حزيناً ، أو شديد الغضب ، أو مغتاظاً ، أو نادماً . والأَسِف : المتأسف على فوت ما سلف ، غضب عليهم لعبادة العجل أسفا على ما فاته من المناجاة ، أو غضب على نفسه من تركهم حتى ضلوا أسفاً على ما رآهم عليه من المعصية ، قال بعض المتصوفة : أغضبه الرجوع عن مناجاة الحق إلى مخاطبة الخلق . { أمر ربكم } وعده بالأربعين ، ظنوا موت موسى - عليه الصلاة والسلام - لما لم يأتهم على رأس الثلاثين ، أو وعده بالثواب على عبادته فعدلتم إلى عبادة غيره ، والعجلة : التقدم بالشيء قبل وقته ، والسرعة : عمله في أول أوقاته . { وألقى الألواح } غضبا لما رأى عبادة العجل ، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أو لما رأى فيها أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير أمة أُخرجت لناس ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ويؤمنون بالله ، قال : رب اجعلهم أمتي ، قال : تلك أمة أحمد فاشتد عليه فألقاها ، قاله قتادة . فلما ألقاها تكسرت ورفعت إلا سبعها ، وكان في المرفوع تفصيل كل شيء ، وبقي الهدى والرحمة في الباقي ف { أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة } [ 154 ] وقال ابن عباس - رضي الله عنهما - تكسرت الألواح ورفعت إلا سدسها . { برأس أخيه } بأذنه ، أو شعر رأسه ، كما يقبض الرجل منا على لحيته ويعض على شفته ، أو يجوز أن يكون ذلك في ذلك الزمان بخلاف ما هو عليه الآن من الهوان . { ابن أم } كان أخاه لأبويه ، أو استعطفه بالرحمة كما في عادة العرب قال :

يا ابن أمي ويا شقيق نفسي *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

{ مع القوم الظالمين } لا تغضب عليّ كما غضبت عليهم ، فرَقَّ له ، ف { قال ربي اغفر لي ولأخي } [ 151 ] .