جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰٓ إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ غَضۡبَٰنَ أَسِفٗا قَالَ بِئۡسَمَا خَلَفۡتُمُونِي مِنۢ بَعۡدِيٓۖ أَعَجِلۡتُمۡ أَمۡرَ رَبِّكُمۡۖ وَأَلۡقَى ٱلۡأَلۡوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأۡسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُۥٓ إِلَيۡهِۚ قَالَ ٱبۡنَ أُمَّ إِنَّ ٱلۡقَوۡمَ ٱسۡتَضۡعَفُونِي وَكَادُواْ يَقۡتُلُونَنِي فَلَا تُشۡمِتۡ بِيَ ٱلۡأَعۡدَآءَ وَلَا تَجۡعَلۡنِي مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (150)

{ ولما رجع موسى إلى قومه غضبان } عليهم { أسِفًا{[1719]} } شديد الغضب أو حزينا فإنه قد أعلمه الله بذلك وهو على الطور{[1720]} كما قال تعالى : ( فإنا قد فتنا قومك من بعدك ) ( طه : 85 ) ، { قال بئسما خلفتموني من بعدي } أي : فعلتم بعد ذهابي وفاعل بئس ضمير يفسره ما والمخصوص بالذم محذوف أي : بئس فعلا فعلتموه من بعدي فعلكم { أعجِلتم أمر ربكم } وهذا كما يقال لمن ولى أحدا غير مستحق للولاية : عجلت أمر السلطنة أي : في حالها وأمرها أو ضمن عجل معنى سبق فعدى تعديته أي : سبقتم أمر ربكم أو ميعاد ربكم أو سخط ربكم { وألقى الألواح{[1721]} } طرحها غضبا { وأخذ برأس أخيه } بشعره { يجرّه إليه } خوفا عن أن يكون قد قصر في نهيهم وهارون أكبر من موسى{[1722]} { قال ابن أُمّ } كانا أخوين من أب وأم وذكر الأم ليرققه{[1723]} { إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلوني } أي : بذلت وسعي في النهي حتى قهروني وقاربوا قتلي { فلا تُشمت بي الأعداء } لا تفعل بي شيئا يشمتون{[1724]} لأجله { ولا تجعلني مع القوم الظالمين } معدودا في عداد عابدي العجل في عقوبتك .


[1719]:قال ابن جرير الطبري: أخبره الله قبل رجوعه بأنهم قد فتنوا وأن السامري قد أضلهم فلذلك رجع موسى وهو غضبان أسفا/12.
[1720]:كما في سورة طه/12 منه.
[1721]:من شدة الغضب والأسف حين أشرف على قومه وهم عاكفون على عبادة العجل قال ابن عباس: لما ألقى موسى الألواح تكسرت فرفع إلا سدسها رفه الله منها ستة أسباعها وبقي سبع وقال مجاهد: لما ألقاها موسى ذهب التفصيل يعني أخبار الغيب وبقي الهدى أي: ما فيه المواعظ والأحكام وعن ابن جريج قال: كانت تسعة رفع منها لوحان وبقي سبعة/12 فتح.
[1722]:بثلاث سنين هكذا قال محيي السنة/12 منه.
[1723]:ويستعطفه عادة العرب التحنن بذكر الأم/12 وجيز.
[1724]:في الأصل : يشتمون.