قوله تعالى : { وَلَمَّا رَجَعَ موسى إلى قَوْمِهِ } يعني : من الجبل { غضبان أَسِفًا } يعني : حزيناً . ويقال : الأسف في اللغة شدة الغضب . ومنه قوله تعالى :
{ فَلَمَّا آسَفُونَا انتقمنا مِنْهُمْ فأغرقناهم أَجْمَعِينَ } [ الزخرف : 55 ] ويقال : أشد الحزن كقوله : { وتولى عَنْهُمْ وَقَالَ يا أسفا عَلَى يُوسُفَ وابيضت عَيْنَاهُ مِنَ الحزن فَهُوَ كَظِيمٌ } [ يوسف : 84 ] { قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي } يعني : بعبادة العجل يعني : بئسما فعلتم في غيبتي { أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبّكُمْ } يعني : استعجلتم ميعاد ربكم . ويقال : أعصيتم أمر ربكم . ويقال : معناه { أَعَجِلْتُمْ } بالفعل الذي استوجبتم به عقوبة ربكم { وَأَلْقَى الألواح } من يده . قال الكلبي : انكسرت الألواح وصعد عامة الكلام الذي كان فيها من كلام الله تعالى إلى السماء . وقال بعضهم : هذا الكلام في ظاهره غير سديد . لأن الكلام صفة والصفة لا تفارق الموصوف . فلا يجوز أن يقال : الكلام يصعد ويذهب . ولكن تأويله أن الألواح لما انكسرت ذهب أثر المكتوب منها وهذا إذا كان غير الأحكام . وأما الأحكام أيضاً فلا يجوز أن تذهب عنه وإنما أراد بذلك حجة عليهم . وروي في الخبر : أن الله تعالى أخبر موسى أن قومه عبدوا العجل . قال موسى : يا رب من اتخذ لهم العجل ؟ قال : السامري . قال : ومن جعل فيه الروح ؟ قال : أنا . قال : فأنت فتنت قومي ؟ . قال له ربه : تركتهم لمرادهم . وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « لَيْسَ الخَبَرُ كَالمُعَايَنَةِ » لما أخبر الله تعالى بأن قومه قد عبدوا العجل لم يلق الألواح . فلما عاين ألقى الألواح .
ثم قال : { وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ } يعني : أخذ بشعر رأسه ولحيته { يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابن أُمَّ } يعني : قال له هارون : يا ابن أمي لا تأخذ بلحيتي . قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم في رواية حفص : يا { ابن أُمَّ } بنصب الميم . وقرأ الباقون بالكسر . وهكذا في سورة طه فمن قرأ بالنصب جعله كاسم واحد كأنه يقول يا ابن أماه . كما يقال : يا ويلتاه ويا حسرتاه . ومن قرأ بالكسر فهو على معنى الإضافة إلى نفسه . وكان موسى أخاه لأبيه وأمه . ولكن ذكر الأم ليرفعه عليه .
{ إِنَّ القوم استضعفوني } يعني : قهروني واستذلوني { وَكَادُواْ } يعني : هموا بقتلي { يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعداء } يعني : لا تفرح عليّ أعدائي يعني : الشياطين ويقال : أصحاب العجل { وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ القوم الظالمين } يعني : لا تظنن أني رضيت بما فعلوا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.