تفسير العز بن عبد السلام - العز بن عبد السلام  
{وَإِذۡ أَخَذَ رَبُّكَ مِنۢ بَنِيٓ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمۡ ذُرِّيَّتَهُمۡ وَأَشۡهَدَهُمۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ أَلَسۡتُ بِرَبِّكُمۡۖ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدۡنَآۚ أَن تَقُولُواْ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ إِنَّا كُنَّا عَنۡ هَٰذَا غَٰفِلِينَ} (172)

{ أخذ ربك } أخرج الأرواح قبل الأجساد في الجنة ، أو بعد هبوط آدم إلى الأرض ، وخلق فيها المعرفة فعرفت من خاطبها ، أو خلق الأرواح والأجساد معا في الأرض - مكة والطائف - فأخرجهم كالذر في الدور الأول مسح ظهره ، فخرج من صفحة ظهره اليمنى أصحاب الميمنة بيضا كالذر ، وخرج أصحاب المشأمة من اليسرى سودا كالذر وألهمهم ذلك ، فلما شهدوا على أنفسهم مؤمنهم وكافرهم أعادهم ، أو أخرج الذرية قرنا بعد قرن وعصرا بعد عصر . { وأشهدهم } بما شهدوه من دلائل قدرته ، أو بما اعترفوا به من ربوبيته ، فقال للذرية لما أخرجهم على لسان الأنبياء { ألست بربكم } بعد كمال عقولهم . قاله الأكثر ، أو جعل لهم عقولا علموا بها ذلك فشهدوا به ، أو قال للآباء بعد إخراج ذريتهم كما خلقت ذريتكم فكذلك خلقتكم فاعترفوا بعد قيام الحجة ، والذرية من ذرأ الله -تعالى- الخلق أحدثهم وأظهرهم ، أو لخروجهم من الأصلاب كالذر .