قوله : { وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم }[ 172 ] ، الآية .
حجة من قرأ " ذريات " بالجمع{[25961]} ، أنها الأعقاب المتناسبة{[25962]} الكثيرة{[25963]} .
ومن قرأ { ذرياتهم } ، بالتوحيد{[25964]} ، قال : إنها قد أُجمع عليها في قوله : { من ذرية آدم{[25965]} } ، ولا شيء أكثر من ذريته{[25966]} ( صلى الله عليه وسلم ){[25967]} ، فدلت على الكثير بنفسها{[25968]} .
ومعنى الآية : واذكر ، يا محمد ، { وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم } ، أي : استخرج الأبناء من أصلاب الآباء ، فقررهم بتوحيده ، وأشهدهم على أنفسهم بإقرارهم ، أي : أشهد بعضا على بعض بالإقرار بالتوحيد{[25969]} .
قال ابن عباس : أخذ الله ( عز وجل{[25970]} ) ، الميثاق من ظهر آدم ( عليه السلام{[25971]} ) ، بنَعمان{[25972]} يعني : عرفة ، فأخرج من صلبه كل ذريته{[25973]} ، فنثرهم بين يديه كالذر{[25974]} ، ثم كلمهم قَبَلاً{[25975]} ، فقال : { ألست بربكم قالوا بلى }{[25976]}[ 172 ] ، فأشهد بعضهم على بعض بذلك الإقرار{[25977]} .
وقال الضحاك : إن الله ( سبحانه{[25978]} ) ، مسح صلب آدم ، ( عليه السلام{[25979]} ) ، فاستخرج منه كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة ، فأخذ منهم الميثاق : أن يعبدوه ، ولا يُشركوا به شيئا ، وتكفل لهم بالأرزاق ، ثم أعادهم في صلبه ، فلن تقوم{[25980]} الساعة حتى يولد من أعطي الميثاق يومئذ ، فمن أدرك منهم الميثاق ( الآخر ){[25981]} فوفى به ، نفعه{[25982]} الميثاق الأول ، ومن أدرك ( الميثاق ){[25983]} الآخر فلم يف به ، لم{[25984]} ينفعه الأول ، ومن مات صغيرا قبل أن يدرك الميثاق الآخر ، مات على الميثاق الأول على الفطرة . روى ذلك عن ابن عباس{[25985]} .
ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : " كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه اللذان يهودانه أو ينصرانه " {[25986]} .
والميثاق الأول ، هو : ما أخذه الله ( عز وجل{[25987]} ) ، عليهم إذ أخرجهم{[25988]} من ظهر آدم ، ( عليه السلام{[25989]} ) .
والميثاق الآخر ، هو : قبول فرائض الله ( سبحانه{[25990]} ) ، والإيمان به ، وبرسالة النبي عليه السلام ، وبما جاءت به الرسل{[25991]} .
وروى ابن{[25992]} عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " أخذوا من ظهره ، كما يُؤْخذ بالمشط من الرأس ، فقال لهم : { ألست بربكم قالوا بلى } ، قالت الملائكة : { شهدنا أن تقولوا يوم القيامة } " {[25993]} .
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم{[25994]} ، يقول : إن الله جل وعز{[25995]} ، خلق آدم ( عليه السلام{[25996]} ) ، ثم مسح ظهره بيمينه ، ( سبحانه{[25997]} ) ، فاستخرج منه ذرية ، فقال : " خلقت هؤلاء للجنة{[25998]} ، وبعمل أهل الجنة يعملون " . ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية ، فقال : " [ خلقت ]{[25999]} هؤلاء للنار ، وبعمل أهل النار يعملون " .
فقال/رجل : يا رسول الله ، ففيم العمل ؟ فقال : إن الله ( تعالى{[26000]} ) ، إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة ، فيدخله الجنة . وإذا خلق العبد للنار ، استعمله بعمل أهل النار ، فيدخله النار " {[26001]} .
وقيل معنى : { وأشهدهم على أنفسهم }[ 172 ] ، دلهم على توحيده ؛ لأن كل بالغ سالم من العاهات ، يعلم ضرورة أن له ربا واحدا{[26002]} .
وقيل : إن الآية مخصوصة ؛ لأنه قال : { من بني آدم } ، فخرج من هذا من كان من ولد آدم ( عليه السلام{[26003]} ) ، لصلبه
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.