السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالُواْ نَفۡقِدُ صُوَاعَ ٱلۡمَلِكِ وَلِمَن جَآءَ بِهِۦ حِمۡلُ بَعِيرٖ وَأَنَا۠ بِهِۦ زَعِيمٞ} (72)

{ قالوا نفقد } وكان للسقاية اسمان فعبروا بقولهم { صواع الملك } والصواع هو المكيال وهو السقاية المتقدّمة سموه تارة كذا وتارة كذا ، وإنما اتخذوا هذا الإناء مكيالاً لعزة ما يكال به في ذلك الوقت . { ولمن جاء به حمل بعير } ، أي : من الطعام ، والبعير يطلق لغة على الذكر خاصة وأطلقه بعضهم على الناقة أيضاً ، وجعله نظير إنسان وهو ما جرى عليه الفقهاء في باب الوصية ، والجمع في القلة على أبعرة ، وفي الكثرة على بعران { وأنا به زعيم } قال مجاهد : هذا الزعيم هو الذي أذن ، والزعيم الكفيل ، وهذه الآية تدل على أنّ الكفالة كانت صحيحة في شرعهم ، وقد حكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : «الزعيم غارم » .

وإذا ورد في شرعنا ما يقرّر شرع غيرنا ، هل يكون شرعاً لنا ؟ في ذلك خلاف والراجح أنه ليس بشرع لنا . فإن قيل : كيف تصح هذه الكفالة مع أنّ السارق لا يستحق شيئاً ؟ أجيب : بأنهم لم يكونوا سراقاً في الحقيقة فيحمل ذلك على مثل رد الضائع ، فيكون ذلك جعالة أو أنّ مثل هذه الكفالة ، كانت جائزة عندهم في ذلك الزمان .