ثم قال تعالى : { يوم يدعوكم } وفيه قولان : الأول : أنه خطاب مع الكفار بدليل أن ما قبل هذه الآية كله خطاب مع الكفار ، ثم نقول انتصب يوما على البدل من قوله قريبا ، والمعنى عسى أن يكون البعث يوم يدعوكم أي بالنداء الذي يسمعكم وهو النفخة الأخيرة كما قال : { يوم يناد المناد من مكان قريب } يقال : إن إسرافيل ينادي أيتها الأجساد البالية والعظام النخرة والأجزاء المتفرقة عودي كما كنت بقدرة الله تعالى وبإذنه وتكوينه ، وقال تعالى : { يوم يدعو الداع إلى شيء نكر } وقوله : { فتستجيبون بحمده } أي تجيبون والاستجابة موافقة الداعي فيما دعا إليه وهي الإجابة إلا أن الاستجابة تقتضي طلب الموافقة فهي أوكد من الإجابة ، وقوله : { بحمده } قال سعيد بن جبير : يخرجون من قبورهم وينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون : سبحانك وبحمدك ، فهو قوله : { فتستجيبون بحمده } وقال قتادة بمعرفته وطاعته ، وتوجيه هذا القول أنهم لما أجابوا بالتسبيح والتحميد كان ذلك معرفة منهم وطاعة ولكنهم لا ينفعهم ذلك في ذلك اليوم . فلهذا قال المفسرون : جاء بغضبه أي جاء غضبان وركب الأمير بسيفه أي وسيفه معه وقال صاحب «الكشاف » : { بحمده } حال منهم أي حامدين ، وهذا مبالغة في انقيادهم للبعث كقولك لمن تأمره بعمل يشق عليه ستأتي به وأنت حامد شاكر ، أي ستنتهي إلى حالة تحمد الله وتشكره على أن اكتفي منك بذلك العمل وهذا يذكر في معرض التهديد .
ثم قال : { وتظنون إن لبثتم إلا قليلا } قال ابن عباس يريد بين النفختين الأولى والثانية فإنه يزال عنهم العذاب في ذلك الوقت ، والدليل عليه قوله في سورة يس : { من بعثنا من مرقدنا ؟ } فظنهم بأن هذا لبث قليل عائد إلى لبثهم فيما بين النفختين ، وقال الحسن : معناه تقريب وقت البعث فكأنك بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل فهذا يرجع إلى استقلال مدة اللبث في الدنيا وقيل المراد استقلال لبثهم في عرصة القيامة ؛ لأنه لما كانت عاقبة أمرهم الدخول في النار استقصروا مدة لبثهم في برزخ القيامة .
القول الثاني : أن الكلام مع الكفار تم عند قوله : { عسى أن يكون قريبا } وأما قوله : { يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده } فهو خطاب مع المؤمنين لا مع الكافرين لأن هذا الكلام هو اللائق بالمؤمنين لأنهم يستجيبون لله بحمده ، ويحمدونه على إحسانه إليهم ، والقول الأول هو المشهور ، والثاني ظاهر الاحتمال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.