مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{لَا فِيهَا غَوۡلٞ وَلَا هُمۡ عَنۡهَا يُنزَفُونَ} (47)

ثم قال تعالى : { لا فيها غول } وفيه أبحاث :

البحث الأول : قال الفراء العرب تقول ليس فيها غيلة وغائلة وغول سواء ، وقال أبو عبيدة الغول أن يغتال عقولهم ، وأنشد قول مطيع بن إياس :

وما زالت الكأس تغتالهم *** وتذهب بالأول الأول

وقال الليث : الغول الصداع والمعنى ليس فيها صداع كما في خمر الدنيا ، قال الواحدي رحمه الله وحقيقته الإهلاك ، يقال غاله غولا أي أهلكه ، والغول والغائل المهلك ، ثم سمي الصداع غولا لأنه يؤدي إلى الهلاك .

ثم قال تعالى : { ولا هم عنها ينزفون } وقرئ بكسر الزاي قال الفراء من كسر الزاي فله معنيان يقال أنزف الرجل إذا نفدت خمرته ، وأنزف إذا ذهب عقله من السكر ومن فتح الزاي فمعناه لا يذهب عقولهم أي لا يسكرون يقال نزف الرجل فهو منزوف ونزيف ، والمعنى ليس فيها قط نوع من أنواع الفساد التي تكون في شرب الخمر من صداع أو خمار أو عربدة ولا هم يسكرون أيضا ، وخصه بالذكر لأنه أعظم المفاسد في شرب الخمر ،