الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{لَا فِيهَا غَوۡلٞ وَلَا هُمۡ عَنۡهَا يُنزَفُونَ} (47)

الغول : من غاله يغوله غولاً إذا أهلكه وأفسده . ومنه : الغول الذي في تكاذيب العرب . وفي أمثالهم : الغضب غول الحلم ، و { يُنزَفُونَ } على البناء للمفعول ، من نزف الشاربُ إذا ذهب عقله . ويقال للسكران : نزيف ومنزوف . ويقال للمطعون : نزف فَمات إذا خرج دمه كله . ونزحت الركية حتى نزفتها : إذا لم تترك فيها ماء . وفي أمثالهم : أجبن من المنزوف ضرطاً . وقرىء : «ينزفون » أنزف الشارب إذا ذهب عقله أو شرابه . قال :

لَعَمْرِي لَئِنْ أَنْزَفْتُمُو أَوْ صَحَوْتُمُو *** لَبِئْسَ النَّدَامَى كُنْتُمُو آلَ أَبجرَا

ومعناه : صار ذا نزف . ونظيره : أقشع السحاب ، وقشعته الريح ، وأكب الرجل وكببته ، وحقيقتهما : دخلا في القشع والكب . وفي قراءة طلحة بن مصرف : وينزفون : بضم الزاي ، من نزف ينزف كقرب يقرب ، إذا سكر . والمعنى : لا فيها فساد قط من أنواع الفساد التي تكون في شرب الخمر من مغص أو صداع أو خمار أو عربدة أو لغو أو تأثيم أو غير ذلك ، ولا هم يسكرون ، وهو أعظم مفاسدها فأفرزه وأفرده بالذكر .