" لا فيها غول " أي لا تغتال عقولهم ، ولا يصيبهم منها مرض ولا صداع . " ولا هم عنها ينزفون " أي لا تذهب عقولهم بشربها . يقال : الخمر غول للحلم ، والحرب غول للنفوس ، أي تذهب بها . وقال : نزف الرجل ينزف فهو منزوف ونزيف إذا سكر . قال امرؤ القيس :
وإذا هي تَمْشِي كمشي النَّزي *** فِ يَصْرَعُهُ بالكثيب البَهَرْ{[13252]}
نزيفٌ إذا قامت لوجْهٍ تمايَلَتْ *** تُرَاشِي الفؤادَ الرَّخْصَ ألا تَخَتَّرَا{[13253]}
وقال آخر{[13254]} :
فلثمتُ فاهَا آخذاً بقُرُونها *** شُرْبَ النَّزِيف ببرد ماءِ الحَشْرَجِ
وقرأ حمزة والكسائي بكسر الزاي ، من أنزف القوم إذا حان منهم النزف وهو السكر . يقال : أحصد الزرع إذا حان حصاده ، وأقطف الكرم إذا حان قطافه ، وأركب المهر إذا حان ركوبه . وقيل : المعنى لا ينفدون شرابهم ؛ لأنه دأبهم . يقال : أنزف الرجل فهو منزوف إذا فنيت خمره . قال الحطيئة{[13255]} :
لعمري لئن أنزفتُم أو صحوتُمُ *** لبئسَ النَّدَامَى كنتم آل أبْجَرَا
النحاس : والقراءة الأولى أبين وأصح في المعنى ؛ لأن معنى " ينزفون " عند جلة أهل التفسير منهم مجاهد لا تذهب عقولهم ، فنفى الله عز وجل عن خمر الجنة الآفات التي تلحق في الدنيا من خمرها من الصداع والسكر . ومعنى " ينزفون " الصحيح فيه أنه يقال : أنزف الرجل إذا نفد شرابه ، وهو يبعد أن يوصف به شراب الجنة ، ولكن مجازه أن يكون بمعنى لا ينفد أبدا . وقيل : " لا ينزفون " بكسر الزاي لا يسكرون . ذكره الزجاج وأبو علي على ما ذكره القشيري . المهدوي : ولا يكون معناه يسكرون ؛ لأن قبله " لا فيها غول " . أي لا تغتال عقولهم فيكون تكرارا ؛ ويسوغ ذلك في " الواقعة " . ويجوز أن يكون معنى " لا فيها غول " لا يمرضون ، فيكون معنى " ولا هم عنها ينزفون " لا يسكرون أو لا ينفد شرابهم . قال قتادة : الغول وجع البطن . وكذا روى ابن أبي نجيح عن مجاهد " لا فيها غول " قال لا فيها وجع بطن . الحسن : صداع . وهو قول ابن عباس : " لا فيها غول " لا فيها صداع . وحكى الضحاك عنه أنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر والصداع والقيء والبول ، فذكر الله خمر الجنة فنزهها عن هذه الخصال . مجاهد : داء . ابن كيسان : مغص . وهذه الأقوال متقاربة . وقال الكلبي : " لا فيها غول " أي إثم ، نظيره : " لا لغو فيها ولا تأثيم " [ الطور : 23 ] . وقال الشعبي والسدي وأبو عبيدة : لا تغتال عقولهم فتذهب بها . ومنه قول الشاعر :
وما زالت الكأسُ تغتالُنَا *** وتذهب بالأولِ الأولِ
أي تصرع واحدا واحدا . وإنما صرف الله تعالى السكر عن أهل الجنة لئلا ينقطع الالتذاذ عنهم بنعيمهم . وقال أهل المعاني : الغول فساد يلحق في خفاء . يقال : اغتاله اغتيالا إذا أفسد عليه أمره في خفية . ومنه الغول والغيلة : وهو القتل خفية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.