البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{لَا فِيهَا غَوۡلٞ وَلَا هُمۡ عَنۡهَا يُنزَفُونَ} (47)

الغول : اسمعام في الأذى ، تقول : غاله كذا وكذا ، إذا ضره في خفاء ، ومنه : الغيلة في العقل ، والغيلة في الرضاع ، وغاله الشيء :أهلكه وأفسده ، ومنه : الغول التي في أكاذيب العرب وفي أمثالهم : الغضب غول الحلم . وقال الشاعر :

مضى أولونا ناعمين بعيشهم *** جميعاً وغالتني بمكة غول

أي : عاقتني عوائق ، وقال :

وما زالت الخمر تغتالنا *** وتذهب بالأول فالأول

نزفت الشارب الخمر وأنزف هو : ذهب عقله من السكر ، فهو نزيف ومنزف ، الثلاثي متعد والرباعي لازم ، نحو : كبيت الرجل وأكب ، وقشعت الريح السحاب ، وقشع هواي : أي دخلا في الكب والقشع . قال الشاعر ، وهو الأسود :

لعمري لئن أنزفتم أو صحوتم *** لبئس الندامى كنتم آل أبجرا

ونزف الشارب ، بضم الزاي ، ويقال : نزف المطعون : ذهب دمه كله ، مبنياً للمفعول ، ونزحت الركية حتى نزفتها : لم يبق فيها ماء ، ويقال : أنزف الرجل بعد شرابه ، فانزف مشترك بين سكر ونفد .

{ لا فيها غول } ، قال ابن عباس ، وقتادة : هو صداع في الرأس .

وقال ابن عباس أيضاً ، ومجاهد ، وابن زيد : وجع في البطن . انتهى .

والاسم يشمل أنواع الفساد الناشئة عن شرب الخمر ، فينتفي جميعها من مغص ، وصداع ، وخمار ، وعربدة ، ولغو ، وتأثيم ، ونحو ذلك .

ولما كان السكر أعظم مفاسدها ، أفرده بالذكر فقال ؛ { ولا هم ينزفون } .

وقرأ الحرميان ، والعربيان : بضم الياء وفتح الزاي هنا ، وفي الواقعة : وبذهاب العقل ، فسره ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، وحمزة ، والكسائي : بكسرها فيهما ؛ وعاصم : بفتحها هنا وكسرها في الواقعة ؛ وابن أبي إسحاق : بفتح الياء وكسر الزاي .

وطلحة : بفتح الياء وضم الزاي .