قوله تعالى : { قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قالوا بل لم تكونوا مؤمنين وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين ، فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون ، فأغويناكم إنا كنا غاوين فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون إنا كذلك نفعل بالمجرمين ، إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ، ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ، بل جاء بالحق وصدق المرسلين إنكم لذائقوا العذاب الأليم ، وما تجرون إلا ما كنتم تعملون ، إلا عباد الله المخلصين }
واعلم أن الله تعالى لما حكى عنهم أنه أقبل بعضهم على بعض يتساءلون شرح كيفية ذلك التساؤل فقال : { إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين } وهذا قول الأتباع لمن دعاهم إلى الضلالة ، وفي تفسير اليمين وجوه الأول : أن لفظ اليمين ههنا استعارة عن الخيرات والسعادات ، وبيان كيفية هذه الاستعارة ، أن الجانب الأيمن أفضل من الجانب الأيسر لوجوه أحدها : اتفاق الكل على أن أشرف الجانبين هو اليمين والثاني : لا يباشرون الأعمال الشريفة إلا باليمين مثل مصافحة الأخيار والأكل والشرب وما على العكس منه يباشرونه باليد اليسرى الثالث : أنهم كانوا يتفاءلون وكانوا يتيمنون بالجانب الأيمن ويسمونه بالبارح الرابع : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن في كل شيء الخامس : أن الشريعة حكمت بأن الجانب الأيمن لكاتب الحسنات والأيسر لكاتب السيئات السادس : أن الله تعالى وعد المحسن أن يؤتى كتابه بيمينه ، والمسيء أن يؤتى كتابه بيساره ، فثبت أن الجانب الأيسر ، وإذا كان كذلك لا جرم ، استعير لفظ اليمين للخيرات والحسنات والطاعات ، فقوله : { إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين } يعني أنكم كنتم تخدعوننا وتوهمون لنا أن مقصودكم من الدعوة إلى تلك الأديان نصرة الحق وتقوية الصدق والوجه الثاني : في التأويل أنه يقال فلان يمين فلان ، إذا كان عنده بالمنزلة الحسنة ، فقال هؤلاء الكفار لأئمتهم الذين أضلوهم وزينوا لهم الكفر : إنكم كنتم تخدعوننا وتوهمون لنا ، أننا عندكم بمنزلة اليمين ، أي بالمنزلة الحسنة ، فوثقنا بكم وقبلنا عنكم الوجه الثالث : أن أئمة الكفار كانوا قد حلفوا لهؤلاء المستضعفين أن ما يدعونهم إليه هو الحق ، فوثقوا بإيمانهم وتمسكوا بعهودهم التي عهدوها لهم ، فمعنى قوله : { كنتم تأتوننا عن اليمين } أي من ناحية المواثيق والأيمان التي قدمتموها لنا الوجه الرابع : أن لفظ اليمين مستعار من القوة والقهر ، لأن اليمين موصوفة بالقهر وبها يقع البطش ، والمعنى أنكم كنتم تأتوننا عن القوة والقهر ، وتقصدوننا عن السلطان والغلبة حتى تحملونا على الضلال وتعيرونا عليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.