الخامس : قوله تعالى : { إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق } ونظير هذه الآية قوله تعالى : { يا جبال أوبي معه والطير } وفيه مباحث :
البحث الأول : وفيه وجوه الأول : أن الله سبحانه خلق في جسم الجبل حياة وعقلا وقدرة ومنطقا وحينئذ صار الجبل مسبحا لله تعالى ونظيره قوله تعالى : { فلما تجلى ربه للجبل } فإن معناه أنه تعالى خلق في الجبل عقلا وفهما ، ثم خلق فيه رؤية الله تعالى فكذا ههنا الثاني : في التأويل ما رواه القفال في تفسيره أنه يجوز أن يقال إن داود عليه السلام قد أوتي من شدة الصوت وحسنه ما كان له في الجبال دوي حسن ، وما يصغي الطير إليه لحسنه فيكون دوي الجبال وتصويت الطير معه وإصغاؤه إليه تسبيحا ، وذكر محمد بن إسحاق أن الله تعالى لم يعط أحدا من خلقه مثل صوت داود حتى أنه كان إذا قرأ الزبور دنت منه الوحوش حتى يأخذ بأعناقها الثالث : أن الله سبحانه سخر الجبال حتى أنها كانت تسير إلى حيث يريده داود وجعل ذلك السير تسبيحا لأنه كان يدل على كمال قدرة الله تعالى وحكمته .
البحث الثاني : قال صاحب «الكشاف » { يسبحن } في معنى مسبحات ، فإن قالوا هل من فرق بين يسبحن ومسبحات قلنا نعم ، فإن صيغة الفعل تدل على الحدوث والتجدد ، وصيغة الاسم على الدوام على ما بينه عبد القاهر النحوي في كتاب دلائل الإعجاز ، إذا ثبت هذا فنقول قوله : { يسبحن } يدل على حدوث التسبيح من الجبال شيئا بعد شيء وحالا بعد حال وكان السامع حاضر تلك الجبال يسمعها تسبح .
البحث الثالث : قال الزجاج يقال شرقت الشمس إذا طلعت وأشرقت إذا أضاءت وقيل هما بمعنى ، والأول أكثر تقول العرب شرقت الشمس والماء يشرق .
البحث الرابع : احتجوا على شرعية صلاة الضحى بهذه الآية ، عن أم هانئ قالت : «دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بوضوء فتوضأ ثم صلى صلاة الضحى ، وقال :
" يا أم هانئ هذه صلاة الإشراق " وعن طاووس عن ابن عباس قال : «هل تجدون ذكر صلاة الضحى في القرآن ؟ قالوا لا ، فقرأ إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق » وقال كان يصليها داود عليه السلام وقال لم يزل في نفسي شيء من صلاة الضحى حتى وجدتها في قوله : { يسبحن بالعشى والإشراق } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.