قوله تعالى : { إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق } وهو على التقديم والتأخير ؛ كأنه قال عز وجل إنا سخرنا الجبال يسبحن ، أخبر أنه سخر الجبال والطير وما ذكر لداوود كي يطعنه ، ويسبحن معه .
وفيه لطف من الله عز وجل في هذه الأشياء ، والخصوصية لداوود في ذلك حين صير الجبال والطير بحيث يقفن وقت تسبيح داوود معه على ما أخبر عز وجل .
وفيه لطف من الله عز وجل حيث صير الجبال مع شدتها وصلابتها بحيث تعرف وقت تسبيح داوود ، وتعرف تسبيحه ، وتسبح ، وتلين له .
فجائز أن يجعل قلب الكافر بحيث يلين ، ويخضع لله بلطفه ، إذ قلبه ليس أشد قسوة وصلابة من الجبال . فإذا جعل لطفه فيها لانت وخضعت . فعلى ذلك إذا جعل ذلك اللطف في قلب الكافر لا يحتمل ألا يلين ، ولا يخضع ، إذ هو ليس أصلب وأشد من الجبال التي ذكرنا ، والله أعلم .
وأما الخصوصية له فإن الله عز وجل جعل لكل من الرسل خصوصية في شيء ، لم يجعل مثل تلك الخصوصية لآخر في ذلك الشيء بعينه بلطفه .
وخصوصي داوود ما ذكر من تسخير ما ذكر له من الجبال والطير والتسبيح معه وما ذكر من إلانة الحديد له وغير ذلك من الأشياء .
وخصوصية سليمان ما ذكر من تسخير الرياح له وحملها إياه حيث شاء إلى ما شاء مسيرة شهر بغدوة ومسيرة شهر بعشية حيث قال عز وجل : { وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ } [ سبأ : 12 ] وما ذكر من فهم نطق الطير والنطق معه ، وفهمه تسبيحها ، ونحو ذلك كثير .
و مثل هذا ما قد جعل لرسول الله صلى الله عليه و سلم حين أنه أخذ أحجارا ، فسبحن في يده حتى سمع ذلك من حضره ، و ما ذكر أن أصابعه يسبحن ، و نحوه كثير .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.