ثم إنه تعالى أخبر عن الملائكة أنهم قالوا للمؤمنين { نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة } وهذا في مقابلة ما ذكره في وعيد الكفار حيث قال : { وقيضنا لهم قرناء } ومعنى كونهم أولياء للمؤمنين أن للملائكة تأثيرات في الأرواح البشرية ، بالإلهامات والمكاشفات اليقينية ، والمقامات الحقيقية ، كما أن للشياطين تأثيرات في الأرواح بإلقاء الوساوس فيها وتخييل الأباطيل إليها . وبالجملة فكون الملائكة أولياء للأرواح الطيبة الطاهرة حاصل من جهات كثيرة معلومة لأرباب المكاشفات والمشاهدات ، فهم يقولون : كما أن تلك الولاية كانت حاصلة في الدنيا فهي تكون باقية في الآخرة فإن تلك العلائق ذاتية لازمة غير قابلة للزوال ، بل كأنها تصير بعد الموت أقوى وأبقى ، وذلك لأن جوهر النفس من جنس الملائكة ، وهي كالشعلة بالنسبة إلى الشمس ، والقطرة بالنسبة إلى البحر ، والتعلقات الجسمانية هي التي تحول بينها وبين الملائكة ، كما قال صلى الله عليه وسلم : «لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السموات » فإذا زالت العلائق الجسمانية والتدبيرات البدنية ، فقد زال الغطاء والوطاء ، فيتصل الأثر بالمؤثر ، والقطرة بالبحر ، والشعلة بالشمس ، فهذا هو المراد من قوله { نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة } ثم قال : { ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون } قال ابن عباس : { ولكم فيها ما تدعون } أي ما تتمنون ، كقوله تعالى : { لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون } فإن قيل فعلى هذا التفسير لا يبقى فرق بين قوله { ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم } وبين قوله { ولكم فيها ما تدعون } قلنا : الأقرب عندي أن قوله { ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم } إشارة إلى الجنة الجسمانية ، وقوله { ولكم فيها ما تدعون } إشارة إلى الجنة الروحانية المذكورة في قوله { دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وءاخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.