مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَلَهُ ٱلۡكِبۡرِيَآءُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (37)

ثم قال تعالى : { وله الكبرياء في السموات والأرض } وهذا مشعر بأمرين : ( أحدهما ) أن التكبير لا بد وأن يكون بعد التحميد ، والإشارة إلى أن الحامدين إذا حمدوه وجب أن يعرفوا أنه أعلى وأكبر من أن يكون الحمد الذي ذكروه لائقا بإنعامه ، بل هو أكبر من حمد الحامدين ، وأياديه أعلى وأجل من شكر الشاكرين ( والثاني ) أن هذا الكبرياء له لا لغيره ، لأن واجب الوجود لذاته ليس إلا هو .

ثم قال تعالى : { وهو العزيز الحكيم } يعني أنه لكمال قدرته يقدر على خلق أي شيء أراد ، ولكمال حكمته يخص كل نوع من مخلوقاته بآثار الحكمة والرحمة والفضل والكرم ، وقوله { وهو العزيز الحكيم } يفيد الحصر ، فهذا يفيد أن الكامل في القدرة وفي الحكمة وفي الرحمة ليس إلا هو ، وذلك يدل على أنه لا إله للخلق إلا هو ، ولا محسن ولا متفضل إلا هو .

قال مولانا رضي الله عنه : تم تفسير هذه السورة يوم الجمعة بعد الصلاة الخامس عشر من ذي الحجة سنة ثلاث وستمائة ، والحمد لله حمدا دائما طيبا مباركا مخلدا مؤبدا ، كما يليق بعلو شأنه وباهر برهانه وعظيم إحسانه ، والصلاة على الأرواح الطاهرة المقدسة من ساكني أعالي السموات ، وتخوم الأرضين ، من الملائكة والأنبياء والأولياء والموحدين ، خصوصا على سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .