مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيۡنَٰهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥ فِي ٱلۡفُلۡكِ وَأَغۡرَقۡنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَآۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَوۡمًا عَمِينَ} (64)

ثم بين تعالى أنهم مع ذلك كذبوه في ادعاء النبوة وتبليغ التكاليف من الله وأصروا على ذلك التكذيب ، ثم إنه تعالى أنجاه في الفلك وأنجى من كان معه من المؤمنين وأغرق الكفار والمكذبين . وبين العلة في ذلك فقال : { إنهم كانوا قوما عمين } قال ابن عباس : عميت قلوبهم عن معرفة التوحيد والنبوة والمعاد ، قال أهل اللغة : يقال رجل عم في البصيرة وأعمى في البصر { فعميت عليهم الأنبياء يومئذ } وقال : { قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها } قال زهير :

وأعلم ما في اليوم والأمس قبله *** ولكنني عن علم ما في غد عمي

قال صاحب «الكشاف » : قرئ { عامين } والفرق بين العمي والعامي أن العمي يدل على عمي قابت . والعامي على عمي حادث ، ولا شك أن عماهم كان ثابتا راسخا ، والدليل عليه قوله تعالى في آية أخرى : { وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن } .