مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَإِذَا ٱلۡبِحَارُ فُجِّرَتۡ} (3)

وأما الاثنان السفليان : ( فأحدهما ) : قوله : { وإذا البحار فجرت } وفيه وجوه ( أحدهما ) : أنه ينفذ بعض البحار في البعض بارتفاع الحاجز الذي جعله الله برزخا ، وحينئذ يصير الكل بحرا واحدا ، وإنما يرتفع ذلك الحاجز لتزلزل الأرض وتصدعها . ( وثانيها ) : أن مياه البحار الآن راكدة مجتمعة ، فإذا فجرت تفرقت وذهب ماؤها ( وثالثها ) : قال الحسن : فجرت أي يبست .

واعلم أن على الوجوه الثلاثة ، فالمراد أنه تتغير البحار عن صورتها الأصلية وصفتها ، وهو كما ذكر أنه تغير الأرض عن صفتها في قوله : { يوم تبدل الأرض غير الأرض } وتغير الجبال عن صفتها في قوله : { فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا } ( ورابعها ) : قرأ بعضهم : { فجرت } بالتخفيف ، وقرأ مجاهد : { فجرت } على البناء للفاعل والتخفيف ، بمعنى بغت لزوال البرزخ نظرا إلى قوله : { لا يبغيان } لأن البغي والفجور أخوان .