مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَيۡلٞ لِّلۡمُطَفِّفِينَ} (1)

مقدمة السورة:

سورة المطففين

{ بسم الله الرحمن الرحيم ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون } اعلم أن اتصال أول هذه السورة بآخر السورة المتقدمة ظاهر ، لأنه تعالى بين في آخر تلك السورة أن يوم القيامة يوم من صفته أنه لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر كله لله وذلك يقتضي تهديدا عظيما للعصاة ، فلهذا أتبعه بقوله : { ويل للمطففين } والمراد الزجر عن التطفيف ، وهو البخس في المكيال والميزان بالشيء القليل على سبيل الخفية ، وذلك لأن الكثير يظهر فيمنع منه ، وذلك القليل إن ظهر أيضا منع منه ، فعلمنا أن التطيف هو البخس في المكيال والميزان بالشيء القليل على سبيل الخفية ، وههنا مسائل :

المسألة الأول : الويل ، كلمة تذكر عند وقوع البلاء ، يقال : ويل لك ، وويل عليك .

المسألة الثانية : في اشتقاق لفظ المطفف قولان ( الأول ) : أن طف الشيء هو جانبه وحرفه ، يقال : طف الوادي والإناء ، إذا بلغ الشيء الذي فيه حرفه ولم يمتلئ فهو طفافه وطفافه وطففه ، ويقال : هذا طف المكيال وطفافه ، إذا قارب ملأه لكنه بعد لم يمتلئ ، ولهذا قيل : الذي يسيء الكيل ولا يوفيه مطفف ، يعني أنه إنما يبلغ الطفاف .

( والثاني ) : وهو قول الزجاج : أنه إنما قيل للذي ينقص المكيال والميزان مطفف ، لأنه يكون الذي لا يسرق في المكيال والميزان إلا الشيء اليسير الطفيف .