روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَيُعَذِّبَ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ وَٱلۡمُشۡرِكَٰتِ ٱلظَّآنِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِۚ عَلَيۡهِمۡ دَآئِرَةُ ٱلسَّوۡءِۖ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَلَعَنَهُمۡ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرٗا} (6)

وقوله تعالى : { وَيُعَذّبَ المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات } عطف على { يدخل } [ الفتح : 5 ] أي وليعذب المنافقين الخ لغيظهم من ذلك ، وهو ظاهر على جميع الأوجه السابقة في { لّيُدْخِلَ } حتى وجه البدلية فإن بدل الاشتمال تصححه اللابسة كما مر ، وازدياد الإيمان على ما ذكرنا في تفسيره مما يغيظهم بلا ريب ، وقيل : إنه على هذا الوجه يكون عطفاً على المبدل منه ، وتقديم المنافقين على المشركين لأنهم أكثر ضرراً على المسلمين فكان في تقديم تعذيبهم تعجيل المسرة .

{ الظانين بالله ظَنَّ السوء } أي ظن الأمر الفاسد المذموم وهو أنه عز وجل لا ينصر رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ، وقيل : المراد به ما يعم ذلك وسائر ظنونهم الفاسدة من الشرك أو غيره { عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السوء } أي ما يظنونه ويتربصونه بالمؤمنين فهو حائق بهم ودائر عليهم ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو { دَائِرَةُ السوء } بالضم ، والفرق بينه وبين { السوء } بالفتح على ما في الصحاح أن المفتوح مصدر والمضموم اسم مصدر بمعنى المساءة .

وقال غير واحد : هما لغتان بمعنى كالكره والكره عند الكسائي وكلاهما في الأصل مصدر غير أن المفتوح غلب في أن يضاف إليه ما يراد ذمه والمضموم جري مجري الشر ، ولما كانت الدائرة هنا محمودة وأضيفت إلى المفتوح في قراءة الأكثر تعين على هذا أن يقال : إن ذاك على تأويل انها مذمومة بالنسبة إلى من دارت عليه من المنافقين والمشركين واستعمالها في المكروه أكثر وهي مصدر بزنة اسم الفاعل أو اسم فاعل ، وإضافتها على ما قال الطيبي من إضافة الموصوف إلى الصفة للبيان على المبالغة ، وفي الكشف الإضافة بمعنى من على نحو دائرة ذهب فتدبر .

والكلام إما اخبار عن وقوع السوء بهم أو دعاء عليهم ، وقوله تعالى : { وَغَضِبَ الله عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وأعد لهم جَهَنَّمَ } عطف على ذلك ، وكان الظاهر فلعنهم فأعد بالفاء في الموضعين لكنه عدل عنه للإشارة إلى أن كلا من الأمرين مستقل في الوعيد به من غير اعتبار للسببية فيه { وَسَاءتْ مَصِيراً } جهنم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَيُعَذِّبَ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ وَٱلۡمُشۡرِكَٰتِ ٱلظَّآنِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِۚ عَلَيۡهِمۡ دَآئِرَةُ ٱلسَّوۡءِۖ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَلَعَنَهُمۡ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرٗا} (6)

قوله تعالى : { ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات } يريد أهل النفاق بالمدينة وأهل الشرك بمكة ، { الظانين بالله ظن السوء } أن لن ينصر محمداً والمؤمنين ، { عليهم دائرة السوء } العذاب والهلاك . { وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيراً }

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَيُعَذِّبَ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ وَٱلۡمُشۡرِكَٰتِ ٱلظَّآنِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِۚ عَلَيۡهِمۡ دَآئِرَةُ ٱلسَّوۡءِۖ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَلَعَنَهُمۡ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرٗا} (6)

قوله : { ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات } معطوف على قوله : { ليدخل } يعني وليعذب النافقين والمنافقات الذين يتكلفون المودة ويصطنعونها في الظاهر اصطناعا فيظهرون لرسول الله والمؤمنين الإسلام ويخفون في أنفسهم الضغينة والكفر ويتربصون بالإسلام والمسلمين الدوائر . وكذلك يعذب الله المشركين والمشركات الذين يحادون الله ورسوله ويصدون الناس عن دين الله ، أولئك جميعا سيعذبهم الله ، بقهرهم وكبتهم وإذلالهم ، وبإظهار الحق عليهم وإعلاء شأن الإسلام والمسلمين في الآفاق ليذوقوا في أنفسهم مرارة الهوان والاغتمام .

قوله : { الظانّين بالله ظن السّوء } وذلك وصف للفريقين من أهل النفاق والشرك الذين كان ظنهم أن النبي والذين آمنوا معه لن يرجعوا إلى المدينة بل يستأصلهم المشريكون فلا تبقى منهم باقية . وذلك هو السوء من ظنهم الخبيث الكاذب { عليهم دائرة السّوء } و { السوء } معناه العذاب والهلاك ، أي تحيق بهم دائرة العذاب والهوان والخسران في الدنيا حيث الذل والهزيمة والقهر ، وفي الآخرة حيث النار وبئس القرار .

قوله : { وغضب الله عليهم ولعنهم } لقد نالهم الله بمقته الشديد وأبعدهم من رحمته وفضله { وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا } أعد الله لهم النار يوم القيامة ليصلوها وساءت لهم منزلا مقاما يصيرون إليه .