فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَيُعَذِّبَ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ وَٱلۡمُشۡرِكَٰتِ ٱلظَّآنِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِۚ عَلَيۡهِمۡ دَآئِرَةُ ٱلسَّوۡءِۖ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَلَعَنَهُمۡ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرٗا} (6)

ثم لما فرغ مما وعد به صالحي عباده ذكر ما يستحقه غيرهم فقال : { وَيُعَذّبَ المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات } وهو معطوف على يدخل : أي يعذبهم في الدنيا بما يصل إليهم من الهموم والغموم بسبب ما يشاهدونه من ظهور كلمة الإسلام ، وقهر المخالفين له ، وبما يصابون به من القهر والقتل والأسر ، وفي الآخرة بعذاب جهنم .

وفي تقديم المنافقين على المشركين دلالة على أنهم أشدّ منهم عذاباً ، وأحقّ منهم بما وعدهم الله به ، ثم وصف الفريقين ، فقال : { الظانين بالله ظَنَّ السوء } وهو ظنهم أن النبيّ صلى الله عليه وسلم يغلب ، وأن كلمة الكفر تعلو كلمة الإسلام .

ومما ظنوه ما حكاه الله عنهم بقوله : { بَلْ ظَنَنْتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرسول والمؤمنون إلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً } ، { عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السوء } أي ما يظنونه ، ويتربصونه بالمؤمنين دائر عليهم حائق بهم ، والمعنى : أن العذاب ، والهلاك الذي يتوقعونه للمؤمنين واقعان عليهم نازلان بهم . قال الخليل وسيبويه : السوء هنا : الفساد . قرأ الجمهور { السوء } بفتح السين . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بضمها { وَغَضِبَ الله عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً } . لما بيّن سبحانه أن دائرة السوء عليهم في الدنيا بيّن ما يستحقونه مع ذلك من الغضب واللعنة ، وعذاب جهنم .

/خ7