الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَيُعَذِّبَ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ وَٱلۡمُشۡرِكَٰتِ ٱلظَّآنِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِۚ عَلَيۡهِمۡ دَآئِرَةُ ٱلسَّوۡءِۖ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَلَعَنَهُمۡ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرٗا} (6)

فيثيبهم ويعذب الكافرين والمنافقين لما غاظهم من ذلك وكرهوه . وقع السوء : عبارة عن رداءة الشيء وفساده ؛ والصدق عن جودته وصلاحه ، فقيل في المرضى الصالح من الأفعال : فعل صدق ، وفي المسخوط الفاسد منها : فعل سوء . ومعنى { ظَنَّ السوء } ظنهم أن الله تعالى لا ينصر الرسول والمؤمنين ، ولا يرجعهم إلى مكة ظافرين فاتحيها عنوة وقهراً { عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السوء } أي : ما يظنونه ويتربصونه بالمؤمنين فهو حائق بهم ودائر عليهم - والسوء : الهلاك والدمار . وقرئ : «دائرة السوء » بالفتح ، أي : الدائرة التي يذمونها ويسخطونها ، فهي عندهم دائر سوء ، وعند المؤمنين دائرة صدق .

فإن قلت : هل من فرق بين السُّوء والسَّوء ؟ قلت : هما كالكُره والكَره والضُّعْف والضَّعْف ، من ساء ، إلا أنّ المفتوح غلب في أن يضاف إليه ما يراد ذمه من كل شيء . وأما السُّوء بالضم فجار مجرى الشر الذي هو نقيض الخير . يقال : أراد به السوء وأراد به الخير ؛ ولذلك أضيف الظن إلى المفتوح لكونه مذموماً ؛ وكانت الدائرة محمودة فكان حقها أن لا تضاف إليه إلا على التأويل الذي ذكرنا وأما دائرة السوء بالضم ، فلأن الذي أصابهم مكروه وشدة ، فصح أن يقع عليه اسم السوء ، كقوله عزّ وعلا : { إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً } [ الأحزاب : 17 ] .