فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَيُعَذِّبَ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ وَٱلۡمُشۡرِكَٰتِ ٱلظَّآنِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِۚ عَلَيۡهِمۡ دَآئِرَةُ ٱلسَّوۡءِۖ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَلَعَنَهُمۡ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرٗا} (6)

ثم لما فرغ الله سبحانه مما وعد به صالحي عباده ذكر ما يستحقه غيرهم فقال :

{ ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات } معطوف على يدخل أي يعذبهم في الدنيا بإيصال الهموم والغموم إليهم ، بسبب علو كلمة المسلمين ، وما يشاهدونه من ظهور الإسلام ، وبأن يسلط النبي صلى الله عليه وسلم عليهم قتلا وأسرا واسترقاقا في الدنيا ، وفي الآخرة بعذاب جهنم وقدم المنافقين على المشركين لأنهم كانوا أشد على المؤمنين ضررا من الكفار المجاهرين ، لأن المؤمن كان يتوقى المجاهر ؛ ويخالط المنافق لظنه إيمانه وكان يفشي إليه سره ، وفيه دلالة على أنهم أشد منهم عذابا ، وأحق منهم مما وعدهم الله به ، ثم وصف الفريقين فقال :

{ الظانين بالله ظن السوء } وهو ظنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم يغلب ، وأن كلمة الكفر تعلو كلمة الإسلام ومما ظنوه ما حكاه الله عنهم بقوله ، { بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا } والسوء صفة لموصوف محذوف أي ظن الأمر السوء .

{ عليهم دائرة السوء } أي ما يظنونه ويتربصون بالمؤمنين دائر عليهم حائق بهم ؛ الدائرة مصدر بزنة اسم الفاعل أو اسم الفاعل أو اسم فاعل من دار يدور ، سمى به عاقبة الزمان أي أي حادثته ، وهي في الأصل عبارة عن الخط المحيط بالمركز ثم استعملت في الحادثة المحيط بمن وقعت عليه ، إلا أن أكثر استعمالها في المكروه ، والسوء بالضم معناه العذاب ، والهزيمة والشر ، وبالفتح معناه الذم وقد قرئ بهما ، وهما لغتان ، وفي الأصل مصدران وهذا إخبار عن وقوع السوء بهم ، أو دعاء عليهم ، والإضافة من باب إضافة العام للخاص ، فهي للبيان وقال سيبويه : السوء هنا الفساد .