مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَيُعَذِّبَ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ وَٱلۡمُشۡرِكَٰتِ ٱلظَّآنِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِۚ عَلَيۡهِمۡ دَآئِرَةُ ٱلسَّوۡءِۖ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَلَعَنَهُمۡ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرٗا} (6)

وَيُعَذِّبَ المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات } أي ولله جنود السماوات والأرض يسلط بعضها على بعض كما يقتضيه علمه وحكمته ، ومن قضيته أن سكن قلوب المؤمنين بصلح الحديبية ووعدهم أن يفتح لهم ، وإنما قضى ذلك ليعرف المؤمنون نعمة الله فيه ويشكروها فيثيبهم ويعذب الكافرين والمنافقين لما غاظهم من ذلك وكرهوه { الظآنين بالله ظَنَّ السوء } وقع السوء عبارة عن رداءة الشيء وفساده .

يقال : فعل سوء أي مسخوط فاسد ، والمراد ظنهم أن الله تعالى لا ينصر الرسول والمؤمنين ولا يرجعهم إلى مكة ظافرين فاتحيها عنوة وقهراً { عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السوء } مكي وأبو عمرو أي ما يظنونه ويتربصونه بالمؤمنين فهو حائق بهم ودائر عليهم ، والسوء الهلاك والدمار وغيرهما { دَائِرَة السوء } بالفتح إلا أن المفتوح غلب في أن يضاف إليه ما يراد ذمه من كل شيء ، وأما السوء فجارٍ مجرى الشر الذي هو نقيض الخير { وَغَضِبَ الله عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً } جهنم