روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَسۡـَٔلۡ مَنۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلۡنَا مِن دُونِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ءَالِهَةٗ يُعۡبَدُونَ} (45)

{ وَاسْألْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرحمن ءالِهَةً يُعْبَدُونَ } أي هل حكمنا بعبادة غير الله سبحانه وهل جاءت في ملة من ملل المرسلين عليهم السلام والمراد الاستشهاد بإجماع المرسلين على التوحيد والتنبيه على أنه ليس ببدع ابتدعه صلى الله عليه وسلم ويكذب ويعادي له ، والكلام بتقدير مضاف أي واسأل أمم من أرسلنا أو على جعل سؤال الأمم بمنزلة سؤال المرسلين إليهم .

قال الفراء : هم إنما يخبرون عن كتب الرسل فإذا سألهم عليه الصلاة والسلام فكأنه سأل المرسلين عليهم السلام ، وعلى الوجهين المسؤول الأمم ، وروي ذلك عن الحسن . ومجاهد . وقتادة . والسدى . وعطاء وهو رواية عن ابن عباس أيضاً .

وأخرج ابن المنذر وغيره عن قتادة أنه قال في بعض القراءات وأسأل من أرسلنا إليهم رسلنا قبلك .

وأخرج هو وسعيد بن منصور عن مجاهد قال : كان عبد الله يقرأ واسأل الذين ارسلنا إليهم قبلك من رسلنا ، وعن ابن مسعود أنه قرأ وأسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبل مؤمني أهل الكتاب ، وجعل بعضهم السؤال مجازاً عن النظر والفحص عن ماللهم في سؤال الديار والاطلال ونحوها من قولهم : سل الأرض من شق أنهارك وغرس أشجارك وجني ثمارك .

وروي عن ابن عباس أيضاً . وابن جبير . والزهري . وابن زيد أن الكلام على ظاهره وأنه عليه الصلاة والسلام قيل له ذلك ليلة الإسراء حين جمع له الأنبياء في البيت المقدس فامهم ولم يسألهم عليه الصلاة والسلام إذ لم يكن في شك . وفي بعض الآثار أن ميكال قال لجبريل عليهما السلام : هل سأل محمد صلى الله عليه وسلم عن ذلك ؟ فقال : هو أعظم يقيناً وأوثق إيماناً من أن يسأل . وتعقب هذا القول بأن المراد بهذا السؤال الزام المشركين وهم منكرون الاسراء ، وللبحث فيه مجال ، والخطاب على جميع ما سمعت لنبينا عليه الصلاة والسلام .

وفي البحر الذي يظهر أنه خطاب للسامع الذي يريد أن يفحص عن الديانات قيل له اسأل أيها الناظر أتباع الرسل أجاءت رسلهم بعبادة غير الله عز وجل فانهم يخبرونك أن ذلك لم يقع ولا يمكن أن يأتوا به ولعمري أنه خلاف الظاهر جداً ، ومما يقضي منه العجب ما قيل : إن المعنى واسألني أو واسألنا عمن أرسلنا وعلق اسال فارتفع من وهو اسم استفهما على الابتداء وأرسلنا خبره والجملة في موضع نصب باسال بعد اسقاط الخافض كأن سؤاله من أرسلت يا رب قبلي من رسلك أجعلت في رسالته آلهة تعبد ثم ساق السؤال فحكى المعنى فرد الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : { مِن قَبْلِكَ } انتهى ، واسأل من قرأ أبا جاد أيرضى بهذا الكلام ويستحسن تفسير كلام الله تعالى المجيد بذلك .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَسۡـَٔلۡ مَنۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلۡنَا مِن دُونِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ءَالِهَةٗ يُعۡبَدُونَ} (45)

{ وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ } حتى يكون للمشركين نوع حجة ، يتبعون فيها أحدا من الرسل ، فإنك لو سألتهم واستخبرتهم عن أحوالهم ، لم تجد أحدا منهم يدعو إلى اتخاذ إله آخر مع الله مع أن كل الرسل ، من أولهم إلى آخرهم ، يدعون إلى عبادة الله وحده لا شريك له . قال تعالى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } وكل رسول بعثه الله ، يقول لقومه : اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ، فدل هذا أن المشركين ليس لهم مستند في شركهم ، لا من عقل صحيح ، ولا نقل عن الرسل .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَسۡـَٔلۡ مَنۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلۡنَا مِن دُونِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ءَالِهَةٗ يُعۡبَدُونَ} (45)

قوله تعالى : { واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون } اختلفوا في هؤلاء المسئولين : قال عطاء عن ابن عباس : " لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم بعث الله له آدم وولده من المرسلين ، فأذن جبريل ثم أقام ، وقال : يا محمد تقدم فصل بهم ، فلما فرغ من الصلاة قال له جبريل : سل يا محمد { من قد أرسلنا قبلك من رسلنا } الآية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا أسأل فقد اكتفيت " . وهذا قول الزهري وسعيد بن جبير وابن زيد . وقال أكثر المفسرين : سل مؤمني أهل الكتاب الذين أرسلت إليهم الأنبياء هل جاءتهم الرسل إلا بالتوحيد ؟ وهو قول ابن عباس في سائر الروايات ، ومجاهد وقتادة والضحاك والسدي والحسن والمقاتل ، يدل عليه قراءة عبد الله وأبي : " واسئل الذين أرسلنا إليهم قبلك رسلنا " ، ومعنى الأمر بالسؤال التقرير لمشركي قريش أنه لم يأت رسول ولا كتاب بعبادة غير الله عز وجل .