النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَسۡـَٔلۡ مَنۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلۡنَا مِن دُونِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ءَالِهَةٗ يُعۡبَدُونَ} (45)

قوله عز وجل : { وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا } فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : يعني الأنبياء الذين جمعوا له ليلة الإسراء ؛ قاله ابن عباس وابن زيد ، وكانوا سبعين نبياً منهم إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام ، فلم يسألهم لأنه كان أعلم بالله منهم ، قاله ابن عباس .

الثاني : أهل الكتابين التوراة والإنجيل ، قاله قتادة والضحاك ، ويكون تقديره : سل أمم من أرسلنا من قبلك من رسلنا{[2514]} .

الثالث : جبريل ، ويكون تقديره : واسأل عما أرسلنا من قبلك من رسلنا ، حكاه النقاش .

{ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ } وسبب هذا الأمر بالسؤال أن اليهود والمشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : إن ما جئت به مخالف لمن كان قبلك ، فأمره الله بسؤالهم لا لأنه كان في شك منه .

واختلف في سؤال النبي صلى الله عليه وسلم لهم على قولين :

أحدهما : أنه سألهم ، فقالت الرسل بعثنا بالتوحيد ، قاله الواقدي .

الثاني : أنه لم يسأل ليقينه بالله تعالى ، حتى حكى ابن زيد أن ميكائيل قال لجبريل : هل سألك محمد ذلك ؟ فقال جبريل : هو أشد إيماناً وأعظم يقيناً من أن يسألني{[2515]} عن ذلك .


[2514]:فيكون على حذف مضاف كقوله تعالى {واسأل القرية} أي أهل القرية.
[2515]:في ع يسأل.