فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَسۡـَٔلۡ مَنۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلۡنَا مِن دُونِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ءَالِهَةٗ يُعۡبَدُونَ} (45)

{ وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ } أي غيره { آَلِهَةً يُعْبَدُونَ } قال الزهري وسعيد بن جبير وابن زيد أن جبريل قال ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم لما أسرى به فالمراد سؤال الأنبياء في ذلك الوقت عند ملاقاته لهم ، وبه قال جماعة من السلف . وقال المبرد والزجاح وجماعة من العلماء إن المعنى واسأل أمم من قد أرسلنا وبه قال ابن عباس ومجاهد والسدي والضحاك وقتادة وعطاء والحسن ، وفائدة إيقاع السؤال على الرسل مع أن المراد أممهم التنبيه على أن المسؤول عنه عين ما نطقت به ألسنة الرسل ، لا ما تقوله علماؤهم من تلقاء أنفسهم ، وعلى الأول هي مكية ، وعلى الثاني مدنية .

ومعنى الآية على القولين سؤالهم هل أذن الله بعبادة الأوثان في ملة من الملل ؟ وهل سوغ ذلك لأحد منهم ؟ والمقصود تقريع مشركي قريش بأن ما هم عليه لمن يأت في شريعة من الشرائع . وقيل ليس المراد بسؤال الرسل حقيقة السؤال ولكنه مجاز في النظر في أديانهم ، والفحص عن مللهم ، هل جاءت عبادة الأوثان قط في ملة من ملل الأنبياء ؟ وكفاه فحصا ونظره في كتاب الله المعجز المصدق لما بين يديه ، وإخبار الله فيه بأنهم يعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا ، وهذه الآية في نفسها كافية لا حاجة إلى غيرها