الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَسۡـَٔلۡ مَنۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلۡنَا مِن دُونِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ءَالِهَةٗ يُعۡبَدُونَ} (45)

ليس المراد بسؤال الرسل حقيقة السؤال لإحالته ، ولكنه مجاز عن النظر في أديانهم والفحص عن مللهم ، هل جاءت عبادة الأوثان قط في ملة من ملل الأنبياء ؟ وكفاه نظراً وفحصاً : نظره في كتاب الله المعجز المصدّق لما بين يديه ، وإخبار الله فيه بأنهم يعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطاناً . وهذه الآية في نفسها كافية لا حاجة إلى غيرها ، والسؤال الواقع مجازاً عن النظر ، حيث لا يصح السؤال على الحقيقة : كثير منه مساءلة الشعراء الديار والرسوم والأطلال . وقول من قال : سل الأرض من شق أنهارك وغرس أشجارك وجني ثمارك ؟ فإنها إن لم تجبك حواراً أجابتك اعتباراً . وقيل : إن النبي صلى الله عليه وسلم جمع له الأنبياء ليلة الإسراء في بيت المقدس فأمّهم . وقيل له : سلهم ، فلم يشكك ولم يسأل . وقيل : معناه سل أمم من أرسلنا وهم أهل الكتابين : التوراة والإنجيل . وعن الفراء : إنما هم يخبرونه عن كتب الرسل ، فإذا سألهم فكأنه سأل الأنبياء .