غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَسۡـَٔلۡ مَنۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلۡنَا مِن دُونِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ءَالِهَةٗ يُعۡبَدُونَ} (45)

31

ثم إن السبب الأقوى في بغض الكفار وعداوتهم للنبي صلى الله عليه وسلم إنكاره لأصنامهم ، فبين تعالى أنه غير مخصوص بهذه الدعوة وهذا الإنكار ولكنه دين أطبق كل الأنبياء على الدعاء إليه ، وفي الآية أقوال : أحدها أن المضاف محذوف تقديره واسأل يا محمد أمم من أرسلنا . وقال القفال : المحذوف صلة التقدير واسأل من أرسلنا إليهم من قبلك رسولاً من رسلنا . والمراد أهل الكتابين لأنهم كانوا يرجعون إليهم في كثير من أمورهم نظيره { فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك } [ يونس : 94 ] ثانيها أن حقيقة السؤال هاهنا ممتنعة ولكنه مجاز عن النظر في أديانهم والفحص عن مللهم . وثالثها أن التقدير : واسأل جبرائيل عمن أرسلنا . ورابعها أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع له الأنبياء ليلة المعراج في السماء أو في بيت المقدس فأمهم . وقيل له صلى الله عليه وسلم : سلهم . فلم يسأل . وقد قال صلى الله عليه وسلم : " إني لا أشك في ذلك " قاله ابن عباس . وعن ابن مسعود " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أتاني ملك فقال : يا محمد سل من أرسلنا من قبلك من رسلنا علام بعثوا ؟ قال : قلت علام بعثوا ؟ قال : على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب رضي الله عنه " رواه الثعلبي . ولكنه لا يطابق قوله سبحانه { أجعلنا } الآية . وجوز بعضهم أن يكون { من } مبتدأ والاستفهامية خبره والعائد محذوف أي على ألسنتهم ، ومعنى الجعل التسمية والحكم .

/خ56