ثم قال تعالى : { واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون } ، يعني : اسأل يا محمد أهل الكتابين عن ذلك . فالتقدير : واسأل من أرسلنا إليهم قبلك رسلنا . و( من ) زائدة .
وفي قراءة ابن مسعود : وسئل الذين أرسلنا من قبلك من رسلنا ، هذا قول مجاهد والسدي{[61557]} ، وقال قتادة : معناه : سل يا محمد أهل التوراة والإنجيل هل جاءتهم الرسل إلا بالتوحيد{[61558]} . وقال الضحاك ، أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسأل مؤمني أهل الكتاب{[61559]} .
وقال ابن زيد : أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسأل الأنبياء عن ذلك ليلة جُمعُوا{[61560]} له في الإسراء{[61561]} إلى بيت المقدس . فكان النبي صلى الله عليه وسلم أشد إيمانا ويقينا أن الله عز وجل لم يأمر بعبادة غيره من أن يحتاج أن يسأل أحدا{[61562]} . ( فمن ) على هذا القول غير{[61563]} زائدة .
ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل عليه ذلك قال له جبريل : سل{[61564]} يا محمد الأنبياء{[61565]} الذين أريتهم في الإسراء{[61566]} قال : " لا أسأل قد اكتفيت " {[61567]} .
فالمعنى : على هذا القول : ( إنه يا محمد ){[61568]} سيسري{[61569]} بك ربك{[61570]} فأسأل الرسل هل أمر الله عز وجل أن يُعْبَدَ غيره .
وقيل : تقدير الآية : واسأل يا محمد أمم من أرسلنا قبلك ( من رسلنا ){[61571]} ، ثم حذف المضاف{[61572]} .
فيكون المسؤول أهل الكتابين وغيرهم من جميع الأمم ، أي : سلهم هل وجدوا في كتبهم أن الله عز وجل أمر أن يعبد معه غيره .
والتقدير في الآية عند ابن قتيبة{[61573]} : واسأل من أرسلنا إليه قبلك رسلا من رسلنا ، فحذف ( إليه ) لأن في الكلام ما يدل عليه{[61574]} فالخطاب عنده للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد : المشركون . وحذف رسلا لأن { من رسلنا } يدل عليه كما قال :
كأنك من جمال بني أقيش{[61575]} *** . . .
أي : كأنك جمل من جمال بني أقيش ، وحذف ( إليه ) عند أهل العربية بعيد في القياس{[61576]} .
وقيل : المعنى : ( سلنا عن الأنبياء الذين{[61577]} أرسلناهم قبلك ){[61578]} .
ويتم الكلام على ( رسلنا ){[61579]} و( عن ){[61580]} محذوفة{[61581]} ، ثم ابتدأ بالاستفهام على طريق الإنكار ، أي : ما جعلنا آلهة تعبد من دون الله .
وأخبر الآلهة كما يخبر عمن{[61582]} يعقل ، فقال : ( يعبدون ) ولم يقل ( تعبد ) ولا ( يعبدون ){[61583]} ، لأن الآلهة جرت عندهم مجرى من يعقل فعظموها كما يعظمون الملوك فأجرى الخبر عنها مجرى الخبر عن من يعقل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.