روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلۡقَآءَ مَدۡيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّيٓ أَن يَهۡدِيَنِي سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ} (22)

{ وَلَمَّا تَوَجَّهَ } أي صرف وجهه { تِلْقَاء مَدْيَنَ } أي ما يقابل جانبها ، وتلقاء في الأصل مصدر انتصب على الظرفية . ومدين قرية شعيب سميت باسم مدين بن إبراهيم عليه السلام لوم يكن في سلطان فرعون ولذا توجه لقريته ، وقيل توجه إليها لمعرفته به ، وقيل لقرابته منه عليهما السلام ، وكان بينها وبين مصر مسيرة ثمان .

{ قَالَ عسى رَبّى أَن يَهْدِيَنِى سَوَاء السبيل } أي وسط الطريق المؤدّى إلى النجاة ، وإنما قال عليه السلام ذلك توكلا على الله تعالى وثقة بحسن توفيقه عز وجل ، وكان عليه السلام لا يعرف الطرق فعن ثلاث طرائق فأخذ في الوسطى وأخذ طالبوه في الأخريين وقالوا : المريب لا يأخذ في أعظم الطرق ولا يسلك إلا لأبنياتها فبقي ثماني ليال وهو حاف لا يطعم إلا ورق الشجر . وعن سعيد بن جبير أنه عليه السلام لم يصل حتى سقط خف قدميه . وروي أنه عليه السلام أخذ يمشي من غير معرفة فهداه جبريل عليه السلام إلى مدين . وعن السدى أنه عليه السلام أخذ في بنيات الطريق فجاءه ملك على فرس بيده عنزة فلما رآه موسى عليه السلام سجد له أي خضع من الفرق ، فقال : لا تسجد لي ولكن اتبعني فتبعه وانطلق حتى انتهى به إلى مدين .