الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلۡقَآءَ مَدۡيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّيٓ أَن يَهۡدِيَنِي سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ} (22)

{ وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ مَدْيَنَ قَالَ } أي نحوها وقصدها ماضياً لها ، خارجاً عن سلطان فرعون ، يقال : داره تلقاء دار فلان إذا كانت محاذيتها ، وأصله من اللقاء ، ولم تصرف مدين لأنّها اسم بلدة معروفة . قال الشاعر :

رهبان مدين لو رأوك تنزّلوا *** والعصم من شغف العقول القادر

وهو مدين بن إبراهيم نُسبتْ البلدة إليه كما نُسبتْ مدائن إلى أخيه مدائن بن إبراهيم { قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ السَّبِيلِ } قصد الطريق إلى مدين ، وإنّما قال ذلك لأنّه لم يكن يعرف الطريق إليها ، فلمّا دعا جاءه ملك على فرس بيده عنزة فانطلق به إلى مدين .

قال المفسّرون : خرج موسى من مصر بلا زاد ولا درهم ولا ظهر ولا حذاء إلى مدين وبينهما مسيرة ثماني ليال نحواً من الكوفة إلى البصرة ، ولم يكن له طعام إلاّ ورق الشجر ، قال ابن جبير : خرج من مصر حافياً ، فما وصل إلى مدين حتى وقع خف قدميه .