روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{الٓمٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة السجدة

سورة السجدة 23 وتسمى المضاجع أيضا كما في الإتقان وفي مجمع البيان إنها كما تسمى سورة السجدة تسمى سجدة لقمان لئلا تلتبس بحم السجدة وأطلق القول بمكيتها أخرج ابن الضريس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس إنها نزلت بمكة وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله وجاء في رواية أخرى عن الحبر استثناء أخرج النحاس عنه رضي الله تعالى عنه أنه قال : نزلت سورة السجدة بمكة سوى ثلاث آيات ( أفمن كان مؤمنا ) إلى تمام الآيات الثلاث وروى مثله عن مجاهد والكلبي وأستثنى بعضهم أيضا آيتين أخريين وهما قوله تعالى ( تتجافي جنوبهم ) إلخ وأستدل عليه ببعض الروايات في سبب النزول وستطلع على ذلك إن شاء الله تعالى وأستبعد استثناؤهما لشدة ارتباطهما بما قبلهما وهي تسع وعشرون آية في البصرى وثلاثون في الباقية ووجه مناسبتها لما قبلها اشتمال كل على دلائل الألوهية وفي البحر لما ذكر سبحانه فيما قبل دلائل التوحيد وهو الأصل الأول ثم ذكر جل وعلا المعاد وهو الأصل الثاني وختم جل شأنه به السورة ذكر تعالى في بدء هذه السورة الأصل الثالث وهو النبوة وقال الجلال السيوطي في وجه الاتصال بما قبلها : إنها شرح لمفاتح الغيب الخمسة التي ذكرت في خاتمة ما قبل فقوله تعالى ( ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ) شرح قوله تعالى : ( إن الله عنده علم الساعة ) ولذلك عقب بقوله سبحانه : ( عالم الغيب والشهادة ) وقوله تعالى : ( أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز ) شرح قوله سبحانه : ( وينزل الغيث ) وقوله تبارك وتعالى : ( الذي أحسن كل شيء خلقه ) الآيات شرح قوله جل جلاله : ( ويعلم ما في الأرحام ) وقوله عز وجل : يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ) شرح قوله تعالى : ( وما تدري نفس ماذا تكسب غدا ) وقوله جل وعلا : ( أئذا ضللنا في الأرض ) إلى قوله تعالى : ( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون ) شرح قوله سبحانه : ( وما تدري نفس بأي أرض تموت ) ولا يخلو عن نظر وجاء في فضلها أخبار كثيرة أخرج أبو عبيد وابن الضريس من مرسل المسيب بن رافع أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : تجيء ألم تنزيل وفي رواية ألم السجدة يوم القيامة لها جناحان تظل صاحبها وتقول : لا سبيل عليه لا سبيل عليه وأخرج الدارمي والترمذي وابن مردويه عن طاوس قال : ألم السجدة وتبارك الذي بيده الملك تفضلان على كل سورة في القرآن بستين حسنة وفي رواية عن ابن عمر تفضلان ستين درجة على غيرهما من سور القرآن وأخرج أبو عبيد في فضائله وأحمد وعبد بن حميد والدارمي والترمذي والنسائي والحاكم وصححه وابن مردويه عن جابر قال : كان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ ألم تنزيل السجدة وتبارك الذي بيده الملك وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من قرأ تبارك الذي بيده الملك وألم تنزيل السجدة بين المغرب والعشاء الآخرة فكأنما قام ليلة القدر وروى نحوه هو والثعلبي والواحدي من حديث أبي بن كعب والثعلبي دونهم من حديث ابن عباس وتعقب ذلك الشيخ ولي الدين قائلا : لم أقف عليه وهذه الروايات كلها موضوعة لكن رأيت في الدر المنثور أن الخرائطي أخرج في مكارم الأخلاق من طريق حاتم بن محمد عن طاوس أنه قال ما على الأرض رجل يقرأ ألم تنزيل السجدة وتبارك الذي بيده الملك في ليلة إلا كتب له مثل أجر ليلة القدر قال حاتم : فذكرت ذلك لعطاء فقال : صدق طاووس والله ما تركتهن منذ سمعت بهن إلا أن أكون مريضا ولم أقف على ما قيل في هذا الخبر صحة وضعفا ووضعا وفيه أخبار كثيرة في فضلها غير هذا الله تعالى أعلم بحالها وكان عليه الصلاة والسلام يقرؤها ( وهل أتى ) في صلاة فجر الجمعة وهو مشعر بفضلها والحديث في ذلك صحيح لا مقال فيه أخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقرأ في الفجر يوم الجمعة ألم تنزيل السجدة وهل أتى على الإنسان وأخرج أبو داود وهؤلاء إلا البخاري نحوه عن ابن عباس .

{ الم } إن جعل اسماً للسورة أو القرآن فمحله الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هذا الم .