سورة السجدة مكية وآياتها 30 نزلت بعد سورة غافر وقد نزلت سورة السجدة في المرحلة الأخيرة من حياة المسلمين بمكة ، إذ كانا نزولها بعد الإسراء وقبيل الهجرة .
أسماء السورة : لسورة السجدة ثلاثة أسماء :
الاسم الأول : سورة السجدة لاشتمالها على سجدة التلاوة في قوله تعالى : إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون . ( السجدة : 15 ) .
الاسم الثاني : سجدة لقمانi للتمييز عن حم السجدة وهي سورة فصلت .
الاسم الثالث : المضاجع لقوله تعالى : تتجافى جنوبهم عن المضاجع . . . ( السجدة : 16 ) .
سورة السجدة نموذج متميز من نماذج الخطاب القرآني للقلب البشري بالعقيدة الضخمة التي جاء القرآن ليوقظها في الفطر ويركزها في القلوب وهي عقيدة الدينونة لله الأحد الفرد الصمد خالق الكون والناس ومدبر السماوات والأرض وما بينهما وما فيهما من خلائق لا يعملها إلا الله والتصديق برسالة محمد صلى الله عليه وسلم الموحى إليه بهذا القرآن لهداية البشر إلى الله والاعتقاد بالبعث والقيامة ، والحساب والجزاء هذه هي القضية التي تعالجها السورة وهي القضية التي تعالجها سائر السور المكية كل منها تعالجها بأسلوب خاص ومؤثرات خاصة ، تلتقي كلها في أنها تخاطب القلب البشري خطاب العليم الخبير المطلع على أسرار هذه القلوب وخفاياها العارف بطبيعتها وتكوينها وما يستكن فيها من مشاعر وما يعتريها من تأثرات واستجابات في جميع الأحوال والظروف .
وسورة السجدة تعالج تلك القضية بأسلوب وبطريقة غير أسلوب وطريقة سورة لقمان السابقة ، فهي تعرضها في آياتها الأولى ثم تمضي بقيتها تقدم مؤثرات موقظة للقلب منيرة للروح مثيرة للتأمل والتدبر كما تقدم أدلة وبراهين على تلك القضية معروضة في صفحة الكون ومشاهده وفي نشأة الإنسان وأطواره وفي مشهد من مشاهد اليوم الآخر حافل بالحياة والحركة وفي مصارع الغابرين وآثارهم القاطعة الناطقة بالعبرة لمن يسمع لها ويتدبر منطقها .
كذلك ترسم السورة صورا للنفوس المؤمنة في خشوعها وتطلعها على ربها وللنفوس الجاحدة في عنادها ولجاجها وتعرض صورا للجزاء الذي يتلقاه هؤلاء وهؤلاء وكأنها واقع مشهود حاضر للعيان يشهده كل قارئ لهذا القرآن .
وفي كل هذه المعارض والمشاهد تواجه القلب البشري بما يوقظه ويحركه ويقوده إلى التأمل والتدبر مرة وإلى الخوف والخشية مرة ، وإلى التطلع والرجاء مرة ، وتطالعه تارة بالتحذير والتهديد وتارة بالإطماع وتارة بالإقناع ثم تدعه في النهاية تحت هذه المؤثرات وأمام تلك البراهين تدعه لنفسه يختار طريقه وينتظر مصيره على علم وعلى هدى وعلى نور " . ii
تبدأ سورة السجدة بالحديث عن القرآن وتبين أنه حق من عند الله وتبين قدرة الله وعظمته فهو خالق السماوات والأرض وهو المهيمن على الكون وهو المدبر للأمر كله وهو الخالق للإنسان الذي وهبه السمع والبصر والإدراك والناس بعد ذلك قليلا ما يشكرون وبذلك عالجت قضية الألوهية وصفتها : صفة الخلق وصفة التدبير مذكورة في سياق آيات الخلق والتكوين وتستغرق هذه المجموعة بما فيها صفة الإحسان وصفة الإنعام وصفة العلم وصفة الرحمة تستغرق من أول السورة إلى الآية 9 .
ثم تتحدث الآيات عن إنكار الكافرين للبعث والحساب وتحبيبهم بأن البعث حق ، وتعرض مشهدا من مشاهد القيامة يقف فيه المجرمون أذلاء يعلنون يقينهم بالآخرة ويقينهم بالحق الذي جاءتهم به الدعوة المحمدية .
وإلى جوار هذا المشهد البائس المكروب تعرض مشهد المؤمنين في الدنيا وهم يعبدون الله ويسجدون لعظمته ويقومون الليل بالصلاة والعبادة ، ثم تبشرهم بحسن الجزاء : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون . ( السجدة : 17 ) .
ثم تشير الآيات إلى أن منطق العدالة يأبى أن يستوي المؤمن والفاسق فقد اختلفتا في العمل في الدنيا فيجب أن يختلف الجزاء في الآخرة فللمؤمنين جنات المأوى وللفاسقين عذاب منوع في جهنم وتستغرق هذه المجموعة الآيات من ( 10-22 ) .
وفي الآيات الأخيرة من السورة ترد إشارة إلى موسى عليه السلام ووحدة رسالته ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم والمهتدين من قومه .
وتعقب هذه الإشارة جولة في مصارع الغابرين من القرون وهم يمشون في مساكنهم غافلين ثم جولة في الأرض الميتة ينزل عليها الماء بالحياة والنماء فيتقابل مشهد البلى ومشهد الحياة في سطور ويتساءل الكفار في استخفاف عن موعد يوم الفصل بين الفريقين ويجيب القرآن بأنه إذا أتى يؤمنون بصدقه فقلا ينفعهم إيمانهم ولا يمهلون ليستدركوا ما فاتهم .
وتختم السورة بتوجيه الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم أن يعرض عنهم وأن ينتظر ما يحل بهم من جزاء لعنادهم وكفرهم قال تعالى : ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون فأعرض عنهم وانتظر إنهم ينتظرون . ( السجدة : 28-30 ) .
وتختم السورة على هذا الإيقاع العميق بعد تلك الإيحاءات والمشاهد والمؤثرات وخطاب القلب البشري بشتى الصور التي تأخذه من كل جانب وتأخذ عليه كل طريق .
{ آلم( 1 ) تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين( 2 ) أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون( 3 ) }
ألم : حروف للتحدي والتنبيه على إعجاز القرآن الكريم أو هي الجرس الذي يقرع فينتبه التلاميذ لدخول المدرسة .
أحرف للتحدي وبيان إعجاز القرآن الكريم فهو مؤلف من حروف عربية ينطقون بها وقد عجزوا عن الإتيان بمثل القرآن الكريم فدل ذلك على أنه ليس من صنع بشر ولكنه تنزيل من حكيم حميد .
وقيل : هي أدوات للتنبيه وإثارة الاهتمام كالجرس الذي يقرع فينتبه التلاميذ لدخول المدرسة ، فكذلك إذا قرعت أسماع العرب هذه الأحرف التي لم يألفوا سماع أمثالها تنبهوا فيقرأ القرآن عليهم ما بعدها من الآيات .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.