التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَلۡيَحۡكُمۡ أَهۡلُ ٱلۡإِنجِيلِ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فِيهِۚ وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (47)

قوله : { وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه } اللام للأمر . وذلك كقوله { وأن احكم بينهم بما أنزل الله } والتقدير : ليحكم أهل الإنجيل بما في كتابهم ( الإنجيل ) من أوامر وتعاليم ، ومن جملتها الدلائل المبينة لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وما قررته شريعته عليه الصلاة والسلام من أحكام . أما ما نسخته شريعة الإسلام فلا مساغ للعمل به بعد نسخه البتة . وإنما يتصور ذلك في الفروع . أما الأصول كالتوحيد وأركان الإيمان فلا يتصور فيه نسخ . وقد ذكر الرازي جملة المراد بكيفية الأمر بالحكم بما في الإنجيل بعد نزول القرآن ، في ثلاثة وجوه :

الوجه الأول : أن المراد ليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه من الدلائل الدالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم .

الوجه الثاني : ليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه مما لم ينسخ بالقرآن .

الوجه الثالث : أن المراد زجرهم عن تحريف ما في الإنجيل وتغييره كالذي فعله اليهود في إخفاء أحكام التوراة .

قوله : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون } اسم الإشارة ، أولئك في محل رفع مبتدأ . هم ، ضمير فصل . الفاسقون خبر المبتدأ . وقيل : هم مبتدأ ثان ، وخبره الفاسقون . وكلاهما خبر أولئك في محل رفع . والفاسقون من الفسق ، وهو الترك لأمر الله والخروج عن طريق الحق . ومنه الفاسق لانسلاخه من الخير ؟ وسميت الفأرة فويسقة لخروجها من جحرها على الناس . والفاسقون من الناس الخارجون عن حكمه وعن الإيمان . أو الخارجون عن أمر الله ، المخالفون له فيما أمرهم ونهاهم في كتابه{[993]} .


[993]:- تفسير الطبري ج 6 ص 172 وتفسير الرازي ج 12 ص 11 وروح المعاني ج 6 ص 151 والقاموس المحيط ج 3 ص 286.