تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلۡيَحۡكُمۡ أَهۡلُ ٱلۡإِنجِيلِ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فِيهِۚ وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (47)

وقوله تعالى : { وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون } ذكر في موضع : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } [ الآية : 44 ] وفي موضع : { الظالمون } [ الآية : 45 ] وفي موضع { الفاسقون } [ الآية : 47 ] فأمكن أن يكون كله واحد ؛ من لم يحكم بما أنزل الله جحودا منه له واستخفافا فهو كافر ظالم فاسق . ويحتمل أن يكون ما ذكر من الكفر بترك الحكم به جحودا منه وإنكارا وما ذكر من الظلم والفسق في المسلمين لأنه قال : { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس و العين بالعين والأنف بالأنف } إلى آخر ما ذكر [ الآية : 45 ] ، ثم قال : { فمن تصدق به فهو كفارة له } ثم قال : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون } [ الآية : 45 ] تركوا الحكم بما أنزل الله لأهوائهم لا جحودا فقد ظلموا أنفسهم لأن الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه ، والفسق هو الخروج عن الأمر كقوله تعالى : { ففسق عن أمر ربه } [ الكهف : 50 ] أي خرج . ثم يجيء أن يكون هذا في حال الجهل والعلم سواء لأنه إذا /131-أ/ { لم يحكم بما أنزل الله } [ الآية : 45 ] فقد وضع الشيء في غير موضعه ، وخرج عن أمره . لكن هذا في القول يقبح أن يقال : هو ظالم فاسق . وهو إنما يفعل عن جهل به ، ويجوز أن يقال : فعله فعل ظلم وفسق . وأما في القول فهو قبح لما ذكرنا .

[ وقوله تعالى ] : { وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله } فيه من الأحكام : أي حكم كان فهو ما ذكرنا ، والله أعلم .